سوق الدواء
كل ما تريد معرفته عن سوق الدواء

د. محمد عزالعرب يكتب.. ثورة في علاج السرطان.. ماذا نحن فاعلون ؟

يبدو أن تغيرات جذرية وثورات طبية ستشهدها الأعوام القليلة المقبلة خاصة مع الأمراض المزمنة التي حصدت أرواح الملايين خلال المئة عام الماضية .

فبعد أن كان السرطان مرضا مدمرا عبر عدة أعوام دون علاج نهائي له يأتي إعلان هيئة الغذاء والدواء الأميركية “FDA”، عن أول دواء في العالم يمكنه معالجة مرض السرطان من منبعه، والسيطرة عليه ليمنح الأمل لملايين المرضى بهذا المرض الخبيث.

“فيتراكفي”.. هو الدواء الجديد للسرطان، والذي يعالج الطفرات الوراثية للأورام السرطانية، بغض النظر عن نوع المرض أو مكان نشأته، حيث أنه يعالج طفرات جينات الأورام السرطانية الوراثية: (neurotrophic receptor tyrosine kinase (NTRK) gene fusion) أيا كان موقع منشأها في جسم الإنسان.

وتعد الموافقة على هذا العقار خطوة مهمة وفريدة لعلاج السرطان خاصة في حالة عدم وجود طرق علاجية أخري مقبولة خاصة إذا كانت الجراحة ستسبب مضاعفات أو غير مناسبة وكذلك في حالة عدم إلإستجابة للعلاجات الأخري وإنتشار الورم .

هيئة الأغذية والدواء الأمريكية وافقت على هذا العقار بناء علي نتائج مبشرة من 3 دراسات إشتملت علي 176 مريض كانوا يعانوا من سرطانات مختلفة مثل أورام الغدد اللعابية وساركوما الأنسجة الرخوة وسرطان الغدة الدرقية مما يؤكد أننا أمام ثورة جديدة لمعالجة السرطان .

الا أن التحدي الأهم والأصعب أمام البلدان الفقيرة هو كيفية توفير هذا الدواء الذي يعد باهظ التكلفة، إذ سيكلف البرنامج العلاجي في السنة الواحدة أكثر من 393 ألف دولار أمريكي، فيما ستصل تكلفته في الشهر الواحد لنحو 33 ألف دولار.

اذا كيف يمكننا مواجهة هذا التحدي ؟ وماهو المطلوب من مصر حاليا ومستقبلا لتوفير هذا العلاج؟.. في ظل تزايد حالات السرطان في مصر وإكتشاف الغالبية العظمي منها في مراحل متأخرة يصعب علاجها والتي تستنزف مليارات الجنيهات من دخلنا القومي.

يجب علي الدولة المصرية البدء فورا في مفاوضات جادة مع الشركة المنتجة (Loxo Oncology and Bayer)  لإستيراد العقار بسعر تفاضلي خاصة وأن مصر من الدول وحسب تصنيف البك الدولي الأولي بالدعم التفاضلي لسعر الدواء من الشركات العالمية العابرة للقارات مثلما تم في عقارات فيروس سي (مثل السوفالدي والكيوريفو والعارفوني والأوليسيو والداكلنزا) والتفاوض معهم لنقل التقنية المعرفية .

حيث تقوم شركات الأدوية الهندية بالشروع فى التفاوض مع شركات الدواء العالمية فور اقرار علاج جديد لها لمرض مزمن وأتصور أن شركات الدواء المصرية لا تقل عنها من حيث البنية التحتية أو القوي البشرية والكوادر.. يكفي الإرادة والرؤية ووضع نظام تفاوضي جاد في ذلك..

لكن يجب علينا أيضا أن نعمل جنبا الى جنب مع ذلك في تشجيع البحث العلمي بأساليب جديدة قوية وبمشاركة فعالة من المؤسسات المالية في هذا المجال الحيوي.

يجب أيضا إجراء دراسات إكلينيكية بعقار “فيتراكفي” علي المرضي المصريين لمعرفة الفاعلية ودرجة الأمان وإطلاق المزيد من الأبحاث الإكلينيكية في هذا المجال الهام خاصة مع قرب الإنتهاء من مصنع أدوية الأورام المصري والذي نعقد عليه آمال كبيرة.

علينا البدء فورا وبدون تأجيل في التفاوض على العلاج وأجراء الابحاث العلمية الخاصة بنا حتى لا تستمر هذه الأمراض اللعينة في حصد أرواح أبناء هذا الوطن . والله من وراء القصد.

دكتور محمد علي عز العرب
أستاذ الكبد و مؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد
المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء
أمين صندوق جمعية سرطان الكبد المصرية

 

 

اترك تعليق