سوق الدواء
كل ما تريد معرفته عن سوق الدواء

الاندماجات والاستحواذات العالمية تنخفض 11 % إلى 2.8 تريليون دولار

 تراجع معدل إبرام الصفقات العالمية إلى أبطأ وتيرة له منذ أكثر من عامين، مع استنزاف المخاوف من تباطؤ اقتصادي لثقة الشركات، علاوة على التخلي عن اندماجات في قطاع التبغ بقيمة 200 مليار دولار، بسبب انتقادات المساهمين.

إجمالي عمليات الاندماج والاستحواذ انخفض 11 في المائة حتى الآن هذا العام إلى 2.8 تريليون دولار، مع وجود صفقات تقدر قيمها بنحو 740 مليار دولار تم التوصل إليها في الربع الثالث، وفقا لأرقام جديدة من شركة ريفينيتيف لتزويد البيانات.

هذه المبالغ تم دعمها بموجة من المعاملات الضخمة التي يزيد حجمها على عشرة مليارات دولار، ما ساعد على تعويض انخفاض واسع في إبرام الصفقات بين الشركات الأصغر حجما، إضافة إلى انخفاض طفيف في عمليات الاستحواذ على شركات الأسهم الخاصة.

أثبتت الأشهر الثلاثة حتى نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، أنها أهدأ ربع لعمليات الاستحواذ المعلنة منذ منتصف 2017، حتى في الوقت الذي حاول فيه المصرفيون الاستثماريون في الولايات المتحدة، إبرام صفقة ضخمة بين مجموعتي التبغ «ألتريا» و«فيليب موريس إنترناشونال».

تلك الصفقة، مثلها مثل عديد من قبلها، واجهت رد فعل ناقدا من المساهمين – حيث انخفضت أسهم كلتا الشركتين بعد أن أعلنت الشركتان محادثاتهما – وانهارت في نهاية المطاف، الأسبوع الماضي.

«سوق الاندماجات والاستحواذات اليوم مدفوعة بالشركات التي تتطلع إلى أن تصبح أقوى لتحمل فترات عدم اليقين»، حسبما قال كريس فينتريسكا، الرئيس المشارك العالمي لعمليات الاندماج والاستحواذ في بنك جي بي مورجان تشيس.

«ثمة قلق متزايد من أن خطة عمل الوضع الراهن ربما لا تكون كافية لتحمل التراجع القاسي أو فترة طويلة من عدم اليقين» على حد قوله.

عملية إبرام الصفقات الأوروبية انخفضت 32 في المائة إلى 556 مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو الأبطأ منذ 2017 حيث أثرت حالة عدم اليقين المحيطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على النشاط.

النشاط في آسيا تراجع كذلك بشكل حاد، متأثرا بانخفاض حاد في عمليات الاستحواذ الصينية، الذي انخفض إلى أدنى مستوى خلال 12 عاما.

التراجع في أوروبا جاء حتى بعدما رحب المستثمرون بعرض قيمته 27 مليار دولار قدمته مجموعة بورصة لندن لشراء شركة ريفينيتيف. مصير هذه الصفقة سيصبح أكثر وضوحا خلال الأسبوعين المقبلين، فيما تواجه شركة هونج كونج للبورصات والمقاصة مهلة زمنية لتقديم عرض ثابت، في جهودها لشراء مجموعة بورصة لندن وإفساد صفقة «ريفينيتيف».

الربع الثالث شهد ندرة في النشاط بين أنواع المعاملات المهمة لمحرك الربحية في «وول ستريت».

عدد الصفقات المتفق عليها هذا العام تقل قيمتها عن خمسة مليارات دولار انخفض 11 في المائة، بما في ذلك انخفاض 24 في المائة في معاملات بقيمة تراوح بين مليار وخمسة مليارات دولار.

«أسواق الاندماج والاستحواذ تزدهر عندما يثق الرؤساء التنفيذيون والمديرون بالمستقبل، ومن الصعب أن تكون لديهم ثقة بالمستقبل عندما يكون العالم من حولك في حالة اضطراب اقتصادي وسياسي»، حسبما قال سكوت برشاي، وهو شريك في مكتب المحاماة بول وايس.

«لذا فإن كثيرا من الشركات في وضع الانتظار والترقب على المعاملات الاستراتيجية حتى يكون لديهم فكرة أفضل عن كيف ستكون نتيجة بعض هذه الشكوك الجيوسياسية والاقتصادية»، حسبما أضاف.

صناع الصفقات اعترفوا بأن عمليات الاندماج والشراء كانت تدخل في الأشواط النهائية لما كان يعد ضمن أقوى وأطول دورات الصفقات في التاريخ.

على أن عديدا منهم قالوا إنه لا يزال هناك مجال كبير للتوسع بالنظر إلى انخفاض أسعار الفائدة وسهولة توافر النقد في السوق لتمويل الصفقات.

ودون تحديد أي شركة، أضاف جيمس ووليري، صانع الصفقات المخضرم ورئيس قسم الاندماج والاستحواذ للشركات في شركة كنج آند سبولدينج للمحاماة، أنه يتوقع من عديد من المجموعات الكبيرة أن يتفرع إلى وحدات أو يبيع الأصول في محاولة لترشيد محافظه الاستثمارية.

كان هذا صحيحا حتى الآن خلال هذا العام بالنسبة إلى شركات مثل فايزر، شركة الأدوية الأمريكية العملاقة التي فصلت وحدة «أبجون» التابعة لها ودمجتها مع شركة ميلان للأدوية الجنسية، لإنشاء مجموعة غير مشمولة ببراءات الاختراع مع قيمة مؤسسية تقدر بنحو 50 مليار دولار، وكذلك شركة آي بي إن بيف، التي وافقت على بيع عملياتها الأسترالية لشركة أساهي اليابانية مقابل نحو 11.3 مليار دولار.

لا يزال هناك ضغط على مجالس إدارات الشركات للانفصال عن الوحدات ذات النمو الأبطأ، حيث تسهم حملات من شركات ناشطة مثل إليوت مانجمنت وثيرد بوينت في أنشطة الاندماج والاستحواذ.

شركة إليوت، وهي أحد أكثر المستثمرين نشاطا في صناديق التحوط، حثت مجموعة آي تي آند تي الإعلامية على بيع عدد من الأصول، من ضمنها شركتا إتش بي أو ودايركت تي في. دانييل لوب من «ثيرد بوينت» وجه جهوده نحو  «سوني»، محاولا إقناع الشركة بالانفصال عن مشروعها لجهاز استشعار الصور المعروف بـ«جوهرة التاج».

روبن رانكين، الرئيس المشارك لقسم عمليات الاندماج والاستحواذ في مصرف كريدي سويس قالت: «من الصعب إلى حد ما الإعلان عن الصفقات وإغلاقها بمجرد الاتفاق عليها، لكن هناك علامات مشجعة على أن الأمور ستتحسن».

وأضافت: «إذا استمر الاقتصاد في النمو، حتى بوتيرة بطيئة، يجب أن يتحسن نشاط الاندماج والشراء. ما نواجهه الآن هو مجرد تحديات قصيرة الأجل، ويرجع ذلك جزئيا إلى عدم اليقين، والفصل بين المشترين والبائعين».

إن تراجع نشاط الاندماجات والاستحواذات يتردد في «وول ستريت»، بعد أن أصبحت السوق معتمدة على أكبر الصفقات. يمكن أن تكون هذه المهام مربحة بشكل لا يصدق، بدليل مبلغ الـ123 مليون دولار الذي يمكن أن يكسبه “جي بي مورجان تشيس” لدوره في بيع شركة أليرجان المتخصصة في صناعة البوتوكس، المخطط له أن يدر قيمة 63 مليار دولار إلى مجموعة الأدوية الأمريكية “آب في“.

الفشل – مثل فقدان صفقة كبيرة أو العمل على صفقة تنهار – يمكن أن يؤثر بشكل كبير في أرباح قسم عمليات الاندماج والاستحواذ.

بشكل عام، انخفضت الرسوم الناتجة عن تقديم الاستشارات بشأن عمليات الاستحواذ 11 في المائة هذا العام إلى 20.3 مليار دولار، وهو أدنى مستوى خلال خمس سنوات.

بيانات«ريفينيتيف» تظهر أن رسوم الاندماج والاستحواذ التي حققها «مورجان ستانلي» و«سيتي» و«كريدي سويس» و«يو بي إس» انخفضت جميعها 20 في المائة على الأقل حتى الآن هذا العام. معظم الرسوم يتم دفعها عند اكتمال الصفقة.

الجانب المشرق بالنسبة إلى عديد من المصارف هو زيادة إصدار السندات من قبل عملاء الشركات، الذين سعوا إلى الاستفادة من الانخفاض الهائل في أسعار الفائدة.

رسوم التأمين على السندات ارتفعت 12 في المائة هذا العام إلى 25 مليار دولار، وهو أعلى مستوى منذ بدأت «ريفينيتيف» في جمع البيانات في 2000.

وعلى الرغم من عدد العروض العامة الأولية البارزة هذا العام، إلا أن عدد العروض الأولية العامة الجديدة لأسهم الشركات انخفض بشكل كبير، ما دفع رسوم إصدار الأسهم إلى انخفاض 16 في المائة.

يتوقع محللون صورة متباينة عندما تبدأ المصارف في الإبلاغ عن أرباح الربع الثالث في 15 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري. «مورجان ستانلي» حذر من أن نشاط إدراج الشركات الجديدة «أبطأ بكثير على نحو واضح«مما كان عليه قبل عام، وقال «سيتي جروب» إنه سيخفض رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية، بينما قال «جي بي مورجان تشيس» إن رسوم استثماره للربع الثالث ستكون «ثابتة عموما» مقارنة بالعام السابق.

 

اترك تعليق