عبدالعزيز آل رفده يكتب.. سوق الدواء السعودي نقاط القوة وفرص النمو
يشهد سوق الدواء السعودي نموا متزايدا بسبب عوامل عدة منها زيادة أعداد السكان من المواطنين السعوديين والمقيمين، والإقبال الذي يتزايد أيضا سنة بعد الأخرى الذي تشهده المملكة العربية السعودية من مختلف الجنسيات بقصد الحج أو العمرة، أو من خلال القطاع السياحي كذلك وتوافد أعداد كبيرة من السياح والتي بدورها بدأت تدر على المملكة العربية السعودية موردا ماليا آخر يضاف إلى الناتج القومي المحلي.
فمن الأسباب التي تزيد من فرص نمو القطاع الدوائي هو تحسن البنية التحتية للنظام الصحي وتطوره المستمر والمواكب لرؤية المملكة العربية السعودية 2030م ، وزيادة دخل الفرد، ودخول شركات التأمين ومن ضمنها التأمين الصحي التعاوني الذي يقع تحت مظلة وزارة الصحة السعودية، وارتفاع الوعي الصحي للموطنين والمقيمين والذي بدوره سيشكل ورقة ضغط اضافية في توفير أفضل الخدمات الصحية لهم، وزيادة الصرف على القطاع الصحي بشكل سنوي من مخصصات الدولة.
وتعود أحد أسباب هذه الزيادة في الميزانيات الحكومية على القطاع الصحي هو في انتشار أمراض مثل السكري، والسرطان، والأمراض الجينية، وسعي الدولة الحثيث على جودة الحياة ومنع حدوث مثل هذه الأمراض، مع أهداف زيادة العمر المتوقع إلى عمر 80 سنة المتوافقة مع رؤية المملك العربية السعودية 2030 م، في زيادة جودة الحياة، وتفعيل دور مراكز الرعاية الصحية والتحول من الإهتمام بالمرض والمريض، إلى صحة المواطن وعافيته.
ويعد سوق المملكة العربية السعودي الأقوى في الشرق الأوسط وهو ما يمثل 30% من سوق الدواء، بالإضافة إلى الميزات والتسهيلات التي تقدمها المملكة العربية السعودية أيضا في توفير الخيارات الاستثمارية لجذب رأس المال الأجنبي وذلك في فتح شركات الدواء العالمية مقراتها الرئيسية في المملكة العربية السعودية ويعتبر هذا القرار نافذا في أول يوم من يناير 2024 م، وهذا ما يغري الشركات في العموم بسبب تميز موقع المملكة العربية السعودية، مما يجعلها بيئة جاذبة لشركات الأدوية التي تتطلع لتوسيع تواجدها في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط.
فأحد مرتكزات رؤية المملكة العربية السعودية هو في الاقتصاد المزدهر الذي يؤمن بميزة الموقع الجغرافي للمملكة وذلك في تنويع مصادر الدخل للصادرات غير النفطية وأثرها في الناتج المحلي الذي يرمي إلى زيادتها من 16% إلى 50%، أيضا تفعيل دور القطاع الخاص ومساهمته في نمو الناتج المحلي كذلك من 40% حتى 65%.
ومن الجدير بالذكر أن القيمة السوقية للقطاع الدوائي في المملكة العربية السعودية قد بلغت في العام 2022 م 44 مليار ريال سعودي، ومن المتوقع أن تصل القيمة السوقية للقطاع الدوائي في العام 2027 م إلى 56.6 مليار ريال سعودي بنمو سنوي مركب قدره 5.2%، ليكون نصيب الأسد منها لصيدليات بيع التجزئة التي تشكل القيمة السوقية الأكبرفي السوق الدوائي السعودي، ليكون الهدف مع رؤية المملكة العربية السعودية هو 1.7 تريليون ريال سعودي مع العام 2030م .
وبالحديث عن تحفيز الصناعة المحلية وحرص المملكة العربية السعودية على نموها وتطويرها، فيوجد في المملكة العربية السعودية اليوم 40 مصنعا محليا في القطاع الدوائي وهو الذي يغطي 29% من احتياج المملكة العربية السعودية بإيرادات تتجاوز سنويا 1.5 مليار ريال سعودي.
ولأجل ضمان المنافسة العادلة بين الشركات فقد أنشأت الهيئة العامة للمنافسة والتي بدورها تضمن عدالة السوق وضبط حوكمته، مع عدم وجود أطراف أخرى تؤثر فيه أو تتلاعب به بشكل أو بآخر.
أما دور هيئة الدواء والغذاء السعودية فهو أيضا دور محوري ومهم في ضبط المنتجات الرديئة، والتأكد بأن المنتجات المتوفرة في السوق استوفت معايير الجودة ذات المقاييس العالية، والتفتيش المستمر للأسوق والمصانع الدوائية بغية ضبطه ومراقبته، مع فرض الغرامات والعقوبات لمن يتساهل في ذلك، ليكون الهدف الرئيسي الصحة المجتمعية التي تسعى لها المملكة العربية السعودية، ولن يتم ذلك إلا مع وجود خبراء ذة كفاءة عالية، وكلها تصب في في دعم التمنية وزيادة الاستثمارات مع جميع القطاعات الأخرى المساهمة.
لذا وفقا للاحصائيات والأرقام فإن السنوات القادمة للمملكة العربية السعودية تبشر بخير، فجذب رأس المال الأجنبي، وزيادة الصناعة المحلية، والحوكمة القوية التي تمتع بها الجهات التنظيمية والتشريعة، وتطور البنية التحتية في سلاسل الإمداد، كلها مؤشرات قوية تقول بأن المملكة العربية السعودية تمشي في الطريق الصحيح لتحقيق رؤيتها 2030 م، مما سيسهم كثيرا في ازدهار منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط قاطبة، وهو ما سيغري بقية الدول لأن تحذو حذو المملكة العربية السعودية لتكون دولا قيادية في الصناعات الدوائية وتحقيق الإكتفاء الذاتي، وخلق مورد مالي جديد ومستدام.
عبدالعزيز حسن آل رفده
صيدلي ممارس، وطالب بمرحلة الماجستير التنفيذي في التشريعات الدوائية