الدكتورة هبة حسني تكتب… كيفية التغلب على عبء الأمراض المزمنة للنظم الصحية في البلدان النامية
تشكل الأمراض المزمنة تحدياً كبيراً للأنظمة الصحية في جميع أنحاء العالم، ولكن تأثيرها شديد بشكل خاص في البلدان النامية. وغالباً ما تعاني هذه البلدان من محدودية الموارد والبنية التحتية والقدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية، مما يزيد من صعوبة معالجة العبء المتزايد لحالات مثل مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان. سنستكشف في هذا المقال الحلول لتجنب التأثير السلبي للأمراض المزمنة على الأنظمة الصحية في الدول النامية.
تعزيز التدابير الوقائية: من أكثر الاستراتيجيات فعالية للتخفيف من عبء الأمراض المزمنة هو التركيز على الوقاية. إن تشجيع عادات نمط الحياة الصحية مثل النشاط البدني المنتظم والتغذية المتوازنة والإقلاع عن التدخين وإدارة التوتر يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بهذه الحالات. على سبيل المثال، تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أنه في البلدان النامية، يمكن الوقاية من 80% من حالات أمراض القلب المبكرة والسكتات الدماغية والسكري من خلال القضاء على عوامل الخطر المشتركة مثل سوء التغذية، والخمول البدني، وتعاطي التبغ.
زيادة فرص الحصول على الرعاية الأولية: يعد تعزيز خدمات الرعاية الصحية الأولية أمرًا ضروريًا للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة وإدارتها. غالبًا ما تواجه البلدان النامية تحديات في تقديم رعاية أولية متسقة وشاملة بسبب البنية التحتية المحدودة للرعاية الصحية ونقص القوى العاملة. ومن خلال الاستثمار في تدريب المتخصصين في الرعاية الصحية، وتوسيع مرافق الرعاية الصحية، وتنفيذ برامج الرعاية المجتمعية، تستطيع البلدان تحسين الوصول إلى الخدمات الوقائية الأساسية، والفحوصات، والعلاج.
تعزيز التثقيف الصحي: يعد تثقيف الجمهور حول أهمية السلوكيات الصحية والكشف المبكر عن الأمراض أمرًا بالغ الأهمية للوقاية من الحالات المزمنة وإدارتها. يمكن للبلدان النامية الاستفادة من العاملين في مجال الصحة المجتمعية، والبرامج المدرسية، والحملات الإعلامية لرفع مستوى الوعي حول عوامل الخطر، والأعراض، وخدمات الرعاية الصحية المتاحة. إن توفير معلومات مناسبة ثقافياً وسهلة الفهم يمكن أن يمكّن الأفراد من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن صحتهم.
معالجة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية: تؤثر العوامل الاجتماعية والاقتصادية، مثل الفقر والتعليم المحدود والسكن غير المناسب، بشكل كبير على انتشار الأمراض المزمنة وإدارتها في البلدان النامية. ويلعب الحصول على رعاية صحية جيدة وطعام مغذ وظروف معيشية آمنة وتعليم دورًا حيويًا في الوقاية من هذه الظروف وإدارتها. على سبيل المثال، تظهر البيانات المستمدة من دراسة العبء العالمي للمرض أن ما يقرب من 75% من الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
تنفيذ تدخلات فعالة من حيث التكلفة: غالبًا ما تواجه البلدان النامية قيودًا مالية عندما يتعلق الأمر بالإنفاق على الرعاية الصحية. إن تقديم تدخلات فعالة من حيث التكلفة تعطي الأولوية للوقاية والكشف المبكر وإدارة الأمراض المزمنة يمكن أن يساعد في تخفيف العبء على النظم الصحية. على سبيل المثال، يمكن للاستثمار في برامج التطعيم، وخدمات الفحص، والأدوية الأساسية، ومبادرات التطبيب عن بعد أن يحسن النتائج ويقلل تكاليف الرعاية الصحية على المدى الطويل.
بناء أنظمة صحية أقوى: يعد تعزيز نظام الرعاية الصحية الشامل أمرًا ضروريًا لمعالجة عبء الأمراض المزمنة بشكل فعال. ويشمل ذلك تحسين البنية التحتية وإدارة سلسلة التوريد وجمع البيانات وبناء قدرات العاملين في مجال الرعاية الصحية. ومن خلال دمج إدارة الأمراض المزمنة في الخدمات الصحية القائمة، تستطيع البلدان النامية إنشاء نهج أكثر تنسيقا واستدامة لمعالجة هذه الحالات.
تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص: يمكن أن يساعد التعاون بين الحكومات والمنظمات غير الربحية والقطاعات الخاصة والوكالات الدولية في تعبئة الموارد والخبرات لمكافحة الأمراض المزمنة. ومن خلال العمل معًا، يمكن لأصحاب المصلحة هؤلاء تنفيذ حلول مبتكرة ومشاركة أفضل الممارسات والاستفادة من نقاط القوة الجماعية لتحسين تقديم الرعاية الصحية ونتائجها. على سبيل المثال، أظهرت مبادرات مثل الصندوق العالمي لمكافحة الايدز والسل والملاريا تأثير الشراكات المتعددة القطاعات في معالجة التحديات الصحية المعقدة.
وفي الختام، يمكن التخفيف من التأثير السلبي للأمراض المزمنة على الأنظمة الصحية في البلدان النامية من خلال نهج شامل ومتعدد الأوجه يركز على الوقاية، والحصول على الرعاية، والتعليم، والإنصاف، وفعالية التكلفة، وتعزيز النظام، والتعاون. ومن خلال تنفيذ هذه الحلول والتعلم من الأمثلة الناجحة في جميع أنحاء العالم، يمكن للبلدان العمل على تحقيق مستقبل أكثر صحة لسكانها وبناء أنظمة رعاية صحية أكثر مرونة لمواجهة تحديات الأمراض المزمنة.
الدكتورة هبة حسني
استشاري التغذية العلاجية