سوق الدواء
كل ما تريد معرفته عن سوق الدواء

الأدوية غير المضادة للحيويات تضر بالبكتيريا المعوية

يقول العلماء الألمان من المختبر الأوربي للبيولوجيا الجزيئية انهم تفاجأوا حينما فحصوا تأثير الأدوية غير المضادة للحيويات على البكتيريا المعوية، وتوصلوا إلى انها تخل بوظائف هذه البكتيريا أيضاً. وعلى هذا الأساس حذر الباحثون الأطباء من ان المضادت الحيوية السائدة ليست الوحيدة المسؤولة عن الخلل في توازن عمل الفلورا في الامعاء.

وعممت مجلة”نيتشر بريس” تقريراً يشير إلى أن40% من الأدوية غير المضادة للحيوية التي استخدمت في الدراسة ألحقت أضراراً بتركيبة وعمل البكتيريا المعوية(الفلورا). ولاحظ العلماء عند استخدام هذه الأودية انها قللت نمو وتكاثر هذه البكتيريا واحبطت قدرتها على مواجهة الالتهابات والاضطرابات النفسية ودعم نظام المناعة ككل.

ومعروف ان الأمعاء البشرية تحتوي على بلايين الأحياء الميكرسكوبية المفيدة التي تسمى بالفلورا أو”النبيت المعوي”. وتحتفظ هذه البكتيريا بتأثير كبير على صحة البشر، لأنها تقوي نظام المناعة الجسدي، وتتحكم أحياناً بعمل الأدوية، وتقوي أو تقلل الاحساس بالجوع. ويقول العلماء ان الإنسان لايشعر بنفسه بصحة عامة جيدة مالم تكن الفلورا في امعائه بحالة جيدة.

ويعرف الطب منذ فترة بعيدة عن ضرر المضادات الحيوية على نبيت البكتيريا المعوية، وكانت هناك شكوك تساورهم حول دور الأدوية الأخرى غير المضادة للحيويات، إلا ان هذا الضرر تأكد الآن من خلال دراسة المختبر البيولوجيا الجزيئية الأوربي.

نتيجة مفاجأة

وتقول ليزا ماير، التي قادت فريق العمل من المختبر الأوربي في هايدلبيرغ الألمانية، ان النتيجة كانت”مفاجئة فعلاً” لهم.

وأضافت انهم فحصوا تأثير أكثر من1000 عقار غير مضاد حيوي على40 نوعاً من أنواع البكتيريا المعوية. وتم انتقاء هذه البكتيريا المعوية الـ40 من بين أكثرها نشاطاً وأهمية وانتشاراً في الأمعاء.

وثبت من الدراسة ان25% من الأدوية غير المضادة للحيويات، التي يستخدمها البشر عادة، قد كبحت جماع واحداً على الأقل من الأنواع البكتيريا الأربعين التي استخدمت في التجارب. وأكد العلماء ان هذه النتيجة شملت معظم الأدوية السائدة في مكافحة الالتهابات والاضطرابات العصبية.

وأكد الدكتور بيير بورك، الذي شارك في الدراسة، ان عدد الأدوية غير المضادة للحيويات الضارة بالفلورا كان مفاجئاً، كما كان تأثر الفلورا السلبي بهذه الأدوية مفاجئاً.

بكتيريا مقاومة لغير المضادات الحيوية أيضاً

لاحظ العلماء أن بعض التغيرات في تركيبة الفلورا المعوية كانت جزءا من العمل المطلوب من الدواء غير المضاد للحيويات الذي استخدم، إلا ن ذلك لم يكن بلا مضاعفات وأعراض جانبية.

والمهم أن بعض أنواع البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية كانت مقاومة للأدوية غير المضادة للحيويات، كما أن بعض البكتيريا المعوية بدأت تطور مقاومة ضد هذه الأدوية. وهذا لايعني سوى ان تكرر استخدام هذه الأدوية مع نفس المريض سيضعف تأثير الدواء في المرض.

وعبر اثانوسيوس تيباس، وهو أحد أعضاء فريق العمل، عن قلقه من التفكير بأن بعض البشر، الذين يرفضون المضادات الحيوية، كانوا طوال حياتهم يتعاطون الأدوية البدية غير المضادة للحيويات. فهذا لايعني سوى انهم لم يقووا مقاومة البكتيريا المعوية للمضادات الحيوية فحسب، وإنما مقاومة البكتيريا لغير المضادات الحيوية.

الدراسة ليست سوى البداية

ويرى فريق العمل ان نتائج الدراسة الحالية ليست أكثر من”بداية”، لأن آلية تأثير الأدوية غير المضادة للحيويات على البكتيريا غير واضحة بعد، كما ان سر مقاومة البكتيريا لهذه الأدوية غير واضح أيضاً.

والمهم هو أن التجارب اجريت على البكتيريا المعوية المستنبتة مختبرياً، ولابد في خطوات لاحقة من اختبار ذلك في البشر. والأهم هو معرفة التأثيرات الصحية لاستخدام الأدوية غير المضادة للحيويات على المرضى.

ويقول فريق العمل ان بصدد فحص كيف تختلف تأثيرات الأدوية غير المضادة للحيويات على البكتيريا المعوية لدى كل فرد، لأن تركيبة وحجم بكتيريا الفلورا تختلف من إنسان إلى آخر. واضافوا”انهم فضوليون” لكشف الآلية التي يجري من خلالها هذا التأثير في الدراسات المقبلة.

بكتيريا وزنها1500غم

يقدر البروفيسور شتيفان بيشوف، من معهد الصحة الغذائية في جامعة هوهنهايم الألمانية، وزن بكتيريا الأمعاء بنحو1500غم. ويقول أن كتلة حيوية من هذا الحجم والوزن لا بد أن تؤثر على صحة الإنسان. ووصف الطبيب الفلورا بأنها” ورشة عمل” هائلة تفرز عدداً لا يحصى من الانزيمات والمواد الكيمياوية التي يمكن أن تلعب دوراً سلبياً على صحة الإنسان إضافة إلى دورها الايجابي في الهضم وتوفير الطاقة.

وذكر بشوف أمام عشرات المختصين، في ندوة حول “الفلورا” عقدت في مدينة بوتسدام (شرق) مؤخراً، أن عدد خلايا البكتيريا الموجودة في أمعاء الإنسان يزيد عن عدد خلايا جسم الإنسان نفسه.

ولأن هذه البكتيريا” المفيدة” تحسن عملية الهضم وخزن الشحوم والسكر فهي مسؤولة عن توفير 10% من الطاقة اليومية التي يحتاجها الإنسان.

اترك تعليق