د. هشام شيحة يكتب.. نقص الموارد المالية في المستشفيات
من أصعب التحديات التي تواجه المستشفيات الحكومية هي نقص الموارد المالية والعجز الشديد في الميزانية الأمر الذي أدى إلى عدم رضاء متلقي الخدمة الصحية وكذلك مقدميها من الكوادر الطبية بمختلف تخصصاتها.
لابد وأن نعترف أن المريض المصري لا يتلقي الحد الأدنى من الخدمات الصحية الآدمية والمقبوله خاصة في ما يتعلق بالطوارئ فضلا عن تدني مستوى الأجور والبدلات والحوافز لكل أبناء القطاع الصحي.
اعتقد أن الجميع أصبح يعلم الآن أن راتب الطبيب الشاب حوالي ألفين جنيه شهرياً يزيد ليصل إلى حوالي خمسة آلاف جنيه للطبيب الاستشاري ينخفض فجاة إلي ألفين جنيه شهرياً مرة أخرى عند بلوغ سن المعاش وهو ما يفوق اسعار الأدوية التي يحتاجها في هذا السن والأمر نفسه لكل التخصصات أضف إلي ذلك أن بدل العدوى ربما لا يعادل ثمن شريط مضاد حيوي من ارخص الأنواع.
كل الدول المتقدمة والمتحضرة تخصص نسبة من ميزانياتها للصرف على قطاع الصحة ربما تزيد عن 10% من اجمالي الناتج المحلي لكل دولة ومنها دول من العالم الثالث وتلتزم بذلك علما بأن دستور مصر قد خصص نسبة 3% فقط من إجمالي الناتج المحلي المثقل بالديون وفوائدها حيث يلزم سداد نسبة 80% منها للديون كما صرح بذلك وزير المالية ورغم ذلك لم تلتزم الدولة حتى الآن بهذه النسبة ولكنها تخصص اكثر من نصفها بقليل وهو ما يبلغ حوالي 60 مليار جنيه معظمها تذهب للرواتب.
لا يمكن أن تستقيم الأمور في ظل هذه الميزانية الهزيلة والغير دستورية والاعتماد على الديون والقروض وأخيرا التوجه لأموال الصدقات والتبرعات والزكاة في وضع مهين وصادم لا يليق بدولة كبيرة مثل مصر .
دون تطبيق المادة 18 من الدستور حرفيا وزيادة ميزانية الصحه وتحسين مستوى الأجور والبدلات والحوافز لكل أبناء القطاع الصحي وتوفير الأدوية والمستلزمات الحيوية والأجهزة الطبية والأموال اللازمة للصرف على المستشفيات الحكومية والالتزام بتقديم الخدمات الصحية المجانيه البسطاء ومحدودي الدخل سوف نظل ندور في حلقة مفرغة دون أن نستطيع التطوير المطلوب والذي يستحقه المواطن المصري.
ونحن نحاول قدر الإمكان دق أجراس الانذار المبكر واناره الطريق وطرح المقترحات والتوصيات المنطقية والحلول الواقعية العملية والقابلة للتحقيق دون أن نعتمد على الصدقات والتبرعات فقط لأنها لن تغني عن دور الدولة الأصيل ومسؤوليتها عن تقديم خدمات الصحة ذات جودة مقبولة طبقا لما نص الدستور.
دكتور/ هشام شيحة
رئيس قطاع الطب العلاجي بوزارة الصحة الأسبق
ووزير مفوض المستشار الطبي بالسفارة المصرية بالرياض السابق