الدكتور جمال الليثى رئيس غرفة صناعة الأدوية: هيئة الدواء تستهدف إصدار نظام تسعير جديد يعتمد على آلية مرنة تراعى تأثير المتغيرات الاقتصادية على القطاع كل 6 شهور
حاوره: عبدالحليم الجندي – أحمد أبوشرابية
الدكتور جمال الليثى رئيس غرفة صناعة الأدوية ورئيس شركة «المستقبل» للأدوية
هيئة الدواء تستهدف إصدار نظام تسعير جديد يعتمد على آلية مرنة تراعى تأثير المتغيرات الاقتصادية على القطاع كل 6 شهور
مشروعات تصنيع المواد الخام الدوائية «أمن قومى».. وتحتاج إلى دعم وشراكة حكومية قوية بالأرض والإنشاءات لضمان نجاحها
«المستقبل للأدوية» تستهدف 1.9 مليار جنيه مبيعات فى 2025 بنمو يتخطى الـ 60% وتعتزم طرح 20 مستحضراً جديداً
نخطط لتدشين مشروع «فيوتشر برو» خلال سبتمبر المقبل بتكلفة استثمارية تتجاوز 2 مليار جنيه
نستهدف ضخ استثمارات جديدة بقيمة 11 مليون دولار خلال 2025 لزيادة طاقتنا الإنتاجية والانتهاء من مصنعنا الجديد
1.2 مليار جنيه مبيعات «المستقبل» فى 2024
2.5 مليون دولار صادرات «المستقبل» فى 2024
تَعاظَم دورُ غرفة صناعة الأدوية فى السنوات الأخيرة باعتبارها كياناً رسمياً قوياً للدفاع عن حقوق الصُّنَّاع، والممثل الشرعى لهم فى جميع المحافل الرسمية والحكومية، مما أكسبها ثقة صُنَّاع الدواء والجهات الرِّقابية والتشريعية والتنفيذية على حدٍّ سواء.
الدكتور جمال الليثى، رئيس غرفة صناعة الأدوية، رئيس مجلس إدارة شركة «المستقبل» للصناعات الدَّوائية، كان دائم الحضور بمشاركاته الفاعلة لحَلِّ وتجاوز مختلف الأزمات التى تعرَّضت لها الصناعة خلال العام الماضى، وكان شاهداً وشريكاً فى كل القرارات التى اتُّخذت بوصفه ممثلاً للصُّناع، ومُدافعاً جسوراً عن حقوقهم، وكان كذلك مشاركاً فى وضع خطط واستراتيجيات تضمن منعَ تكرار الأزمة، وتحصين الصِّناعة ضد أىِّ تحديات، وتعزيز قدرتها على تأمين احتياجات السوق المحلية من الأدوية والتصدير.
فى هذا الحوار، كشف لنا الدكتور جمال الليثى أبرز الفرص والتحديات التى تنتظر صناعة الأدوية فى 2025، وخطط مواجهتها، وضمان عدم تكرار الأزمات وتحويلها إلى فرص.
العام الماضى شهد العديد من التحديات التى أثَّرت على صناعة الأدوية بشكل كبير.. كيف تُقيِّم ذلك؟
بالفعل، صناعة الأدوية شهدت تحديات كبيرة خلال العام الماضى، بدأت بنقص شديد فى توافر العُملة الصَّعبة منذ بداية 2023، وهو ما أدَّى إلى تراجع فتح الاعتمادات الاستيرادية لنحو 23% فقط من الاعتمادات المقدَّمة، وهو ما أفضى إلى تآكل المخزون الاستراتيجى من الأدوية، وكما هو متعارف فإن كلَّ مستحضر له مخزون استراتيجى يصل إلى 7 شهور، 3 منها بالصيدليات، وشهران لدى الموزع، وشهران بالمصنع، ونتيجة للأزمة تراجع هذا المخزون لشهر واحد فقط، وظهرت أزمة النواقص، حتى تم تحريك سعر الصرف فى مارس 2024، وتوافرت العملة الصعبة، ثم بعدها جاء قرار تحريك الأسعار بداية من 16 يونيو 2024، ومن هذا التوقيت وجميع أطراف المنظومة تعمل بكامل طاقتها لإعادة بناء المخزون الاستراتيجى من الأدوية ليصل إلى 7 شهور، كما كان الأمر قبل الأزمة.
وهل تجاوزنا الأزمة بشكل كامل؟
نعم، تجاوزنا الأزمة بشكل كامل، وأؤكِّد أن أزمة نقص الأدوية هى أمر طارئ وغريب على صناعة الأدوية فى مصر؛ فنحن نمتلك بنية تحتية قادرة على تلبية احتياجات السوق، بشرط توافر الظروف الملائمة، لكن مازال هناك شعور لدى المواطن بنقص بعض المستحضرات؛ نتيجة عدم الوصول للمخزون المتعارف عليه، وعدم امتلاء الصيدليات بشكل كامل، ومن ثمَّ يرفض الصيدلى صرف بعض الأصناف بدون روشتة، كما أن المريض يشترى كميات كبيرة من الأدوية تزيد على احتياجه، مما يَخلُق طلباً متزايداً بلا داع، وخلال فبراير 2025 سوف تعود السوق إلى طبيعتها كما كانت قبل الأزمة.
وكيف نضمن عدم تكرار هذه الأزمة؟
نظرة الدولة ومُتِّخذى القرار لصناعة الدواء تغيَّرت كثيراً للأفضل، وما دام الدولار والاعتمادات الاستيرادية لمدخلات الإنتاج قد توافرت فلن تتكرَّر هذه الأزمة مرة أخرى.
وما أبرز التحديات التى يمكن أن تواجه صناعة الأدوية فى 2025؟
أوَّلُ هذه التحديات هو التسعير، والتسعير أزمة قديمة، خاصة أننا نتَّبع نظامَ تسعيرٍ جبرىٍّ، ولم يصدر «قرار تسعيرة للأدوية» منذ 2011، رغم التغيُّر الكبير الذى شهدناه خلال الفترة الأخيرة، وتزايد تكلفة الإنتاج نتيجة ما نشهده من تحريك لسعر الصرف؛ ولذلك نطالب بتطبيق نظام «مرن وشفاف وعادل» يراعى تكلفة الإنتاج؛ من «تكلفة عمومية، ومصاريف شحن، وتضخم، وتكلفة التمويل البنكى»؛ لضمان استدامة الصناعة، وبالفعل استجابةً لمطالبنا بدأ رئيس هيئة الدواء فى العمل على إصدار نظام تسعير جديد، يعتمد على آلية مرنة تُراجع التغيُّر فى سعر الصرف كل 6 شهور، وأتمنى أن يتم الانتهاء منها قريباً ليضاف إلى إنجازات الدكتور على الغمراوى، رئيس هيئة الدواء المصرية.
والمُتَّبع فى العالم بهذا المجال هو طريقتان؛ إما الاعتماد على الأسعار المرجعية للأدوية الأصيلة بالخارج، وتحديد سعر الدواء المثيل بنسبة تُحدِّدها الهيئة، أو الاعتماد على دراسة تكلفة الإنتاج لتحديد السعر.
وأؤكد أن التسعير المرن والشفاف يضمن توافر الدواء، كما يساعد فى جذب استثمارات أجنبية فى قطاع صناعة الأدوية للسوق المصرية؛ فالمستثمر الأجنبى يحتاج إلى معرفة فترة إنهاء مشروعه وتسعير منتجه وهامش الربح المتوقع حتى يستطيع اتخاذ القرار.
وماذا عن باقى التحديات التى يمكن أن تواجه الصناعة؟
ثانى الملفات التى نعمل مع الهيئة على تطويرها هو ملف التسجيل وسرعة الإجراءات، وبالفعل أصدرت الهيئة قراراً بتطبيق نظام التسجيل CTD، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ولن يُقبل أى ملفات غير ذلك بدءاً من 1 أبريل 2025، ونحن ندعم تطبيق هذا النظام بنسبة 100%، لكن القرار ينصُّ على تطبيقه على جميع الملفات حتى التى تم تقديمها بالفعل ولم يتم الانتهاء منها، وهو ما نعمل على تعديله، ونطالب بتطبيق النظام الجديد على الملفات التى سيتم تقديمها ولا تطبق بأثر رجعى على ما تم تقديمه بالفعل، أو على الأقل منح الشركات المالكة للملفات المقدمة فترة سماح لمدة عام لتوفيق أوضاعها.
التحدِّى الثالث هو التأخير فى إدارة الجودة بالهيئة والتأخر فى تحليل المستحضرات، ونعمل مع الهيئة على دراسة الأمر لتجاوز هذه المسألة بما يراعى اقتصاديات الشركات، ويساعد على توافر الأدوية بالسوق، بجانب تطبيق نظام « qualified person »، وهو يعنى وجود شخص مسئول عن الجودة ومواصفات كلِّ تشغيلة يتم إنتاجها فى المصنع، وأن يكون المصنع مطابقاً للمعايير.
وهل هناك خطة لتنفيذ هذه الإجراءات؟
غرفة صناعة الدواء تعمل مع الهيئة على تطبيق نظام CTD فى النصف الأول من 2025، وكما ذكرت لن يُقبل أى ملف بغير هذا النظام، بدءاً من 31 مارس، وفى النصف الثانى من العام نستهدف مع الهيئة تطبيق نظام التتبُّع الدوائى؛ لمواجهة غش وتهريب الأدوية.
وبذلك فإن تطبيق نظام الـCTD ومسئول الجودة والتتبُّع الدوائى سوف يُقلِّل الضغط على المعامل المركزية التى تؤخر نتيجة التحليل، وسنقضى على كل المشكلات.
وماذا عن التمويل؟ وكيف ترى هذا المحور المهم وتأثيره على الصناعة، خاصة فى ظل الإعلان عن مبادرة بفائدة 15% لدعم الصناعة؟
توافر التمويل بتكلفة مناسبة محور مهم جداً لنجاح أى استثمار؛ فلا يوجد مستثمر إلا ويلجأ إلى التمويل البنكى، والمبادرة الأخيرة التى تم إطلاقها جيدة، لكن الحدَّ الأقصى أقلُّ بكثير مما تحتاجه صناعة الدواء، ولقد طالبنا بمبادرة خاصة بتمويل شركات الأدوية بنحو 300 مليون جنيه للشركات الفردية و500 مليون جنيه للتحالفات، وذلك على 3 محاور: أولها تمويل الإنشاءات والأصول الثابتة، وثانيها رأس المال العامل الخاص بالتشغيل، كما أننا بحاجة إلى تمويل تأهيل المصانع للحصول على الاعتمادات الدولية لتعزيز قدرتها على التصدير، وذلك يحتاج إلى 750 ألف دولار لكل مصنع بفائدة فى حدود من 5 إلى 8%.
فيما يتعلق بالاعتمادات الدولية، كم مصنعاً يمكنه الحصول على هذه الاعتمادات إذا ما توافر التمويل اللازم؟
لدينا 12 مصنعاً حاصلاً على الاعتماد الأوروبى، كما يوجد حوالى 35 مصنعاً جاهزاً للحصول على الاعتمادات الدولية، إذا ما توافر التمويل المطلوب. وأؤكد أنه إذا تحقَّق ذلك فسوف يُعزِّز قدراتنا التصديرية بشكل كبير، ونحن نستهدف الوصول إلى 3 مليارات دولار صادرات فى 2030.
الدولة تستهدف تعميق توطين صناعة الأدوية، كيف ينعكس ذلك على الصناعة بشكل عام؟
ملف التوطين يساعد بشكل كبير فى تخفيف الطلب على الدولار، ويزيد من عوائد التصدير؛ ولذلك نطالب بحزمة حوافز لدعم هذا التوجُّه، والحكومة بالفعل أعلنت استعدادها للشراكة فى مشروعات المواد الخام الدوائية مع القطاع الخاص بالأرض والإنشاءات.
وأنا أُحيِّى الشركات التى تعمل على إنتاج المواد الخام؛ فهو مشروع أمن قومى قبل أن يكون مشروعاً استثمارياً، ونحن فى «المستقبل» لدينا خطة لإنشاء مصنع للمواد الخام، ولكن لم يتم البدء فى الخطوات التنفيذية حتى الآن.
وماذا عن استراتيجية «المستقبل» فى 2025؟
لدينا خطة طَموحٌ خلال 2025 لتحقيق مبيعات بقيمة 1.9 مليار جنيه، بنمو يتخطى الـ60% عن 2024، الذى حققنا فيه مبيعات بقيمة 1.2 مليار جنيه، كما نستهدف زيادة صادراتنا بنسبة 40% عن العام الماضى، الذى بلغت صادراته نحو 2.5 مليون دولار، من خلال التوسُّع فى 7 أسواق نُصدِّر لها بالفعل، ودخول دولتين جديدتين فى الخليج وإفريقيا خلال 2025.
وما عدد مستحضرات «المستقبل» فى السوق حالياً؟ وما حجم مبيعاتكم فى 2024؟
لدينا 120 مستحضراً متواجدة فى السوق حالياً، من بينها 5 مستحضرات كانت تُستورد، كما نمتلك 49 مستحضراً جاهزة للطرح، ونستهدف طرح 20 مستحضر منها خلال 2025.
وماذا عن مصنع «فيوتشر برو».. متى يبدأ الإنتاج؟
«فيوتشر برو» مشروعنا الأضخم فى الوقت الحالى، الذى يُمثِّل قيمة مضافة كبيرة لصناعة الدواء، ويمكن أن يساهم فى توطين العديد من الأدوية التى تُستورد، بجانب العمل على تصديرها، وتكلفته الاستثمارية نحو 2 مليار جنيه، ونستهدف بدء الإنتاج فى سبتمبر 2025، ولدينا 70 مستحضراً نسير فى إجراءات تسجيلها، وسيتم إنتاجها من هذا المصنع.
وهل سيتم ضخ استثمارات جديدة فى 2025؟
طبعاً، نحن نستهدف ضخ 5 ملايين دولار استثمارات جديدة بمصنعنا الحالى؛ لزيادة طاقته الإنتاجية من خلال إضافة خطوط إنتاج وماكينات جديدة؛ بين ماكينات تحضير وماكينات أقراص وغيرها، بجانب ضخ 6 ملايين دولار لاستكمال مصنع «فيوتشر برو» وتدشينه فى سبتمبر المقبل كما ذكرت.