الدكتورة سمر السعدى نائب رئيس شركة «بنتا فارما»: نتبنَّى نهجاً استباقياً لمواجهة التحديات.. وأدرنا أزمة نقص العُملة باحترافية شديدة مكَّنتنا من توفير الأدوية الحيوية للمريض المصرى
الدكتورة سمر السعدى نائب رئيس مجلس إدارة شركة «بنتا فارما»
أسعار الأدوية تحتاج إلى آلية مرنة تتماشى مع التغيُّرات الاقتصادية بشكل يحافظ على التوازن بين مصلحة الشركات وحصول المواطن على الأدوية بأسعار معقولة
الكفاءة والقيادة لا ترتبطان بجنس وأشعر بالفخر لأننى استطعت كسر الحواجز التقليدية وإثبات أن المرأة قادرة على تحقيق النجاح والتميُّز بمجال الصناعات الدوائية
نصدِّر مستحضراتنا إلى العراق والسودان واليمن ونستهدف أسواق شرق إفريقيا ودول الخليج وشرق أوروبا خلال 2025
20 مستحضراً جديداً نستهدف طرحها خلال 2025
53 مستحضراً تمتلكها شركة بنتا فارما
2007 عام تأسيس «بنتا فارما» على يد الدكتور أسامة السعداوى
قيادةٌ نسائيةٌ شبابيةٌ بارعةٌ تخوض تجربة تنفيذية فى قطاعٍ هو الأصعب والأكثر تعقيداً، يُوصف دائماً بـ«المجتمع الذكورى»، تسلَّحتْ بالعلم لتبدأ مشوار عملها فى قطاع الصِّناعات الدوائية من أسفل الهرم الوظيفى، ما مكَّنها من التعرُّف على جميع تفاصيله، فُرصه وتحدياته، معدَّلات نُموه وربحيته ومخاطره، ما أكسبها فَهْماً عميقاً ودقيقاً لكل جوانب العمل، وهو ما شكَّل جزءاً كبيراً من شخصيتها المهنية اليوم.
«العلم والعمل والرُّؤية والتطوُّر والجهد والمثابرة والابتكار وتراكم الخبرات والإيمان بالعمل الجماعى».. كلُّ ذلك جعل من سمر السعدى، نائب رئيس مجلس إدارة شركة «بنتا فارما»، نموذجاً فريداً للتميُّز والتفرُّد والقدرة على البناء ووضع الخطط والاستراتيجيات وتحقيق النمو والنجاح؛ حيث تقود بكفاءة وقدرة مسار استثمار عائلة الدكتور أسامة السعدى، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «بنتا فارما»؛ لتُثبت يوماً بعد آخر أن المرأة قادرة على تحقيق النجاح والتميُّز فى أى مجال، بما فى ذلك الصِّناعات الدوائية.
كيف بدأت شركة «بنتا فارما إيجيبت»؟
بدأت شركة «بنتا فارما إيجيبت» رحلتها على يد مؤسِّسها ورئيس مجلس إدارتها الدكتور أسامة السعدى، عندما شرع فى بناء مصنع الشركة فى منطقة أبو سلطان بمحافظة الإسماعيلية عام 2007.
وفى عام 2012 دخلت الشركة السوق المصرية بأول مُنتَج لها من خلال التصنيع لدى الغير، كخطوة تمهيدية لبدء عملياتها الإنتاجية، وبعد الحصول على رخصة تشغيل المصنع فى عام 2013 بدأت «بنتا فارما» تصنيع منتجاتها لنفسها، مما أسهم فى تعزيز مكانتها فى السوق الدوائية المصرية، وتوسيع نطاق منتجاتها لتلبية احتياجات المرضى.
هل يمكن أن تشاركينا قصَّة بداياتك فى مجال صناعة الأدوية؟ وكيف كانت تجربتك الأولى فى هذا المجال؟
بدأتُ عملى فى مجال صناعة الأدوية بالعمل لأكثر من 10 سنوات فى ثلاثٍ من أهمِّ الشركات العالمية متعدِّدة الجنسيات؛ فبدأتُ مندوبة دعاية طبية، وتدرَّجت فى السُّلم الوظيفى بين إدارة البيع والتسويق فى سوق مصر وبعض الأسواق العربية الإقليمية، ممَّا أتاح لى فرصة التعرُّف على مختلف جوانب الصناعة واكتساب خبرة عملية واسعة.
وفى عام 2012 انضممتُ للعمل مع والدى، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «بنتا فارما» فى بداية تأسيسها، وكانت تلك خطوةً محوريةً فى حياتى المهنية، والدى كان الدَّاعم الأول لى لكنه فى الوقت نفسه أصرَّ على أن أبدأ الطريق من أوَّله بكل تفاصيله وتحدياته، وهو ما ساعدنى كثيراً فى بناء أساس قوى، وأكسبنى فَهْماً عميقاً ودقيقاً لكل جوانب العمل، وتلك التجربة شكَّلت جزءاً كبيراً من شخصيتى المهنية اليوم.
واجهت سوق الدواء المصرية كثيراً من التحديات الكبيرة خلال العام الماضى.. كيف تعاملتم مع تلك التحديات؟ وما مدى تأثيرها عليكم؟
لا شكَّ فى أن التحديات التى واجهتها سوق الدواء المصرية خلال العام الماضى، خاصَّةً ما يتعلَّق بصعوبة توفير العملة الأجنبية والمواد الخام، شكَّلت اختباراً كبيراً لقطاع الأدوية.
وفى «بنتا فارما» اتَّبعنا نهجاً استباقياً لمواجهة هذه التحديات من خلال العمل على تعزيز كفاءة سلاسل التوريد، وبحثنا عن مصادر إضافية ومتعدِّدة للمواد الخام ومواد التعبئة دون التأثير على جودة منتجاتنا، وعملنا على استيراد شحنات صغيرة متكرِّرة حتى يَسْهُل تدبيرها، وبالتأكيد حدَّدنا أولويات للإنتاج وتوافر الخامات لتأمين توافر السلع الاستراتيجية للشركة.
هل ترون أن الإجراءات التى اتخذتها الحكومة وهيئة الدواء كافية لمواجهة تلك التحديات؟
نُقدِّر جهود الحكومة، وخاصَّة البنك المركزى وهيئة الدواء المصرية، فى اتخاذ خطوات لتسهيل تدبير العملة الأجنبية لقطاع الأدوية، باعتباره أولوية استراتيجية، وهذه الإجراءات ساعدت بشكل كبير فى تخفيف بعض الضغوط على الشركات وضمان استمرارية الإنتاج، خاصَّة فى ظل الظروف الاقتصادية الصَّعبة.
ونُثمِّن أيضاً الخطوة التى اتخذتها هيئة الدواء المصرية بتحريك أسعار بعض الأدوية بما يتواكب مع جزء من تأثيرات تحرير سعر الصرف وزيادة تكاليف مكوِّنات الصناعة المباشرة وغير المباشرة.
ونعتقد أن استمرارية هذه الجهود تحتاج إلى إطار ديناميكى يضمن تحديث الأسعار بشكل يتماشى مع التغيُّرات الاقتصادية، مع الحفاظ على التوازن بين مصلحة الشركات وقدرة المواطن على الحصول على الأدوية بأسعار معقولة.
من وجهة نظركم، ما العوامل الأخرى التى ساعدت على تخطِّى وتخفيف وطأة الأزمة التى واجهتها سوق الدواء فى مصر؟
أحد أبرز هذه العوامل كان الدور الكبير الذى لعبه الموزِّعون كشركاء نجاح حقيقيين، وأود بشكل خاص أن أُشيد بشركتَىْ «ابن سينا فارما» و«فارما أوفرسيز»، اللتين قدَّمتا دعماً استثنائياً خلال هذه الفترة الحرجة؛ حيث لم يقتصر دورهما على مساندة الشركات، بل شمل أيضاً تقديم الدعم اللازم للصيادلة لضمان توافُر الأدوية فى السوق، وهذا الدور الذى لعبته الشركتان يعكس التزاماً وطنياً ومسئولية كبيرة تجاه صناعة الدواء والمجتمع ككل، ويؤكد أهمية التعاون والتكاتف بين مختلف الأطراف فى القطاع الدوائى لتجاوز الأزمات وتحقيق الاستقرار لسوق الدواء فى مصر.
ما الآليات التى ستعتمدون عليها فى تمويل خططكم التوسُّعية السنوات المقبلة بجانب التمويل الذاتى؟ وهل مبادرة فائدة الـ15% للصناعة ستدعم خُططكم التوسُّعية؟
خُططنا التوسُّعية تعتمد على مزيج من التمويل الذاتى والبحث عن آليات تمويل مستدامة تتناسب مع طموحاتنا، نتطلَّع إلى البعض منها؛ مثل الاستفادة من التسهيلات الائتمانية والمبادرات الحكومية الموجَّهة لدعم القطاع الصناعى، مثل مبادرة فائدة الـ15% للصناعة.
وهذه المبادرة خطوة إيجابية ومهمَّة لدعم الشركات الصناعية، خاصَّة فى قطاع حسَّاس واستراتيجى مثل قطاع الأدوية؛ فهى تُسهم فى تخفيف الأعباء التمويلية، وتُمكِّننا من توجيه المزيد من الموارد نحو توسعة خطوط الإنتاج والاستثمار فى البحث والتطوير، وكذلك زيادة القدرة التصديرية.
ما عدد المستحضرات المملوكة للشركة بنهاية 2024 وعدد المستحضرات المستهدف طرحها خلال العام الحالى 2025؟ وما المجموعات الدوائية الخاصة بها؟
بنهاية عام 2024 بلغ عدد المستحضرات التى تمتلكها الشركة حوالى 53 مستحضراً، تُغطِّى مجموعة واسعة من التخصُّصات العلاجية التى تلبِّى احتياجات السوق المصرية.
وخلال عام 2025 نستهدف طرح ما يقرب من 20 مستحضر جديدة ضمن خطتنا التوسُّعية، مع التركيز على مجموعات دوائية استراتيجية تشمل أدوية الأمراض المزمنة، مثل أدوية السكرى وارتفاع ضغط الدم، إضافة إلى أدوية الصَّدفية وغيره من الأمراض الجلدية، إلى جانب أدوية الأورام ومثبطات المناعة، وأدوية الجهاز التنفسى والمضادات الحيوية، والمستحضرات الخاصة بالعناية بالصحَّة العامة والمكمِّلات الغذائية.
ملف التصدير من أبرز الملفات التى أصبحت مساراً إجبارياً أمام شركات الأدوية.. ما خُططكم فى هذا الإطار؟ وما عدد البلدان التى تُصدِّرون لها؟ وما المستهدف للشركة خلال 2025؟
التصدير يُمثِّل محوراً استراتيجياً فى خُططنا المستقبلية، ليس فقط لتوفير العملة الصَّعبة، ولكن أيضاً لتعزيز مكانة الصناعة الدوائية المصرية فى الأسواق العالمية، التى نرى أنها تستحقها وبجدارة حالياً، ونحن نُصدِّر منتجاتنا إلى دول العراق والسودان واليمن وبعض الدول الإفريقية.
وخلال عام 2025 نستهدف زيادة عدد الدول التى نُصدِّر إليها، مع التركيز على التوسُّع فى أسواق جديدة؛ مثل: شرق إفريقيا ودول الخليج وكذلك أسواق شرق أوروبا.
كيف تضمن «بنتا فارما» توفير بيئة عمل جيدة لموظفيها؟ وما الذى يُميِّزها؟
فى «بنتا فارما» نؤمن بأن الموظفين هم أساسُ نجاحنا وأهمُّ أصولنا، ولذلك نحرص على تقديم بيئة عمل متميزة.
وتعتمد شركة «بنتا فارما» فى الأساس على طرح الأدوية الجديدة للسوق المصرية، مما يجعلها فى مرحلة نُمو مستمر، وهذا النُّمو يُتيح لنا دائماً فرصاً جديدة للتطوير، ويُسهم فى خلق بيئة عمل ديناميكية وملهمة.
وبفضل هذا التوسُّع المستمر نوفِّر فرصاً كبيرة للترقِّى الوظيفى السريع للموظفين الذين يستحقون ذلك، ونحن نؤمن بأن التميُّز والإبداع فى العمل يجب أن يُكافأ، ولذلك نحرص على توفير بيئة تشجع الموظفين على النُّمو والتطوُّر المهنى بما يتماشى مع تطوُّر الشركة.
كيف تصفين تجربتك بوصفك امرأةً تشغل منصب «الرئيس التنفيذى» فى مجال يُعرف بتفوق العنصر الذكورى؟ وما أبرز التحديات والفرص التى واجهتك فى هذا السياق؟
فى رأيى، الكفاءة والقيادة لا ترتبطان بجنس معين، بل تعتمدان على المهارات والرؤية والإصرار، وأشعر بالفخر لأننى استطعت كسر بعض الحواجز التقليدية، وإثبات أن المرأة قادرة على تحقيق النجاح والتميُّز فى أى مجال، بما فى ذلك مجال الصِّناعات الدوائية.
وما يجعلنى أكثرَ ثقةً وفخراً هو العمل مع فريق رائع، يضمُّ كثيراً من النساء الطموحات اللاتى يشاركننى نفسَ الشغف والطموح، وما زلتُ أستلهم القوَّة من سيدات رائدات سَبَقْنَنِى فى هذا المجال، ورغم أن عددهن قد يكون قليلاً فإن أثرهن ودورهن كبير ولا يمكن تجاهلُه. أنا أيضاً أؤمن بشدَّة بأن التوازن بين الجنسين فى القيادة دائماً ما يحقق نتائج أفضل، ليس فقط على مستوى الشركة، بل للصناعة ككل.
أخيراً.. ما النصيحة التى توجهينها للشباب الذين يدخلون المجال فى بداياتهم؟
أهمُّ نصيحة يمكن أن أقدِّمها للشباب هى الاستمتاع بالرِّحلة نفسِها، وفَهْم أن النجاح ليس سهلاً أبدا.ً. يجب أن يكون لديك قناعة بأن السَّعى المستمر هو الطريق الوحيد للوصول، حتى فى أصعب الظروف، وفى بعض الأحيان قد تشعر بفقدان الشغف، ولكن يجب أن تظل متمسكاً بالإيمان بأن النجاح حتمى فى النهاية إذا استمررت فى السَّعى.
والأهم من ذلك، لا تضعْ حدوداً لأحلامك مهما كانت إمكانياتك فى البداية صغيرة، والسَّعى والإصرار سيأخذانك إلى أماكن لم تكن تتوقَّعها.