مجدي علبة: نستهدف ضخ مليار جنيه استثمارات جديدة فى مصر حتى 2026.. وافتتاح أول مصنع أدوية مصرى بالسعودية العام الجارى
الدكتور مجدى علبة رئيس مجلس إدارة شركة «إيبكس فارما»:
الشركة حريصة على تقديم نموذج يُشار إليه بالرِّيادة فى القطاعات العلاجية التى تعمل بها على المستويين المحلى والإقليمى
قطاع الدواء المصرى قادر على التحوُّط من آثار التداعيات العالمية وتحقيق مُعدَّلات نمو جيدة
300 مليون ريال حجم استثمارات المرحلة الأولى من مصنع «إيبكس فارما» بالسعودية
3.3 مليار جنيه حجم مبيعاتنا تمثل 2.6% من إجمالى السوق المصرية
وضع مدخلات الإنتاج الدوائية أولوية فى تدبير العملة من جانب الحكومة رسالة دعم مباشرة وثقة فى تخطِّى التحديات الحالية
جاهزون للتوسُّع الاستثمارى والمنافسة واختراق أسواق جديدة بعد بناء أركان نجاح الشركة فى السوق المصرية
«رؤية قيادية، كفاءة تنظيمية، الريادة فى العمل»، ثلاثة محاور شكَّلت استراتيجية مستدامة لشركة «إيبكس فارما» لصناعة علامة تجارية قوية فى صناعة الدواء المصرية، وتعزيز قدراتها التشغيلية والاستثمارية لتحقيق أهدافها الحيوية فى توقيتات محدَّدة، بمفاهيم تتعلَّق بالنمو والتطوُّر.
الدكتور مجدى علبة، رئيس مجلس إدارة «إيبكس فارما»، أكد حرص الشركة على تقديم نموذج فريد يُشار إليه بالرِّيادة فى القطاعات العلاجية التى تعمل بها، سواء على مستوى السوق المحلية أو الإقليمية، مشيراً إلى أن توجُّه الشركة إقليمياً عبر إنشاء أول مصنع أدوية مصرى فى المملكة العربية السعودية يرتكز على جاهزية الشركة للتوسُّع الاستثمارى والمنافسة واختراق أسواق جديدة، بعد بناء أركان نجاحها فى السوق المصرية.
فى البداية كيف تُقيِّم سوق الدواء المصرية فى ظل ظروف وتداعيات مالية ونقدية فرضتها التوترات الجيوسياسية العالمية؟
لا شكَّ أن سوق الدواء تمرُّ حالياً بتحديات كبيرة نتيجة لهذه الظروف والتداعيات، أبرزُها أزمة شُحِّ العملة الصعبة، التى تسبَّبت بشكل مباشر فى ارتفاع مستويات التكلفة وتَبطِىء مستويات التصنيع والاستيراد للشركات، إلا أنه رغم هذه التحديات فالقطاع قادر إلى حدٍّ كبير على التحوُّط من آثارها، وتحقيق مُعدَّلات نمو جيدة، سواء على مستوى مؤشرات السوق الكلية أو على مستوى مبيعات الشركات فى جميع مستوياتها.
وهى المعادلة التى تدفعنا للدهشة فى بعض الأحيان، خاصة أن هذا النمو المرصود بالأرقام والمؤشرات ليس من حيث القيمة فقط، بل على مستوى عدد الوحدات المَبِيعة أيضاً، بما يشير بشكل واضح إلى أن تأثر القوى الشرائية للمواطن لم يصل بعد إلى سوق الدواء، وهو ما يوفِّر مساراً إيجابياً يمكن البناء عليه للمستقبل مع توقعات انفراجة هذه الأزمات فى القريب العاجل فى ظل برامج التمويل التى تتفاوض عليها الحكومة، ومخططات جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وما تقييمك لخطوات الدولة خلال الفترة الحالية فى حل إشكالية توافر الدولار ودعم صناعة الدواء؟
غرفة صناعة الدواء باعتبارها أحد الكيانات الرئيسة للصناعة، والمعبِّرة عن نبض الشركات، قامت بمجهودات كبيرة ومناقشات موسَّعة مع الحكومة لحل أزمة توافر الدولار لاستيراد المواد الخام الدوائية، ورئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولى وعد فى أكثر من مرة بوضع مُدخَلات الإنتاج الدوائية أولويةً قُصوى فى تدبير العملة، سواء للإفراج عن خامات دوائية بالموانى والمطارات، أو تعزيز توفير تمويلات للشركات للتوسُّعات الاستثمارية الخاصة بها، وهو ما أُقيِّمُه بأن الدولة حريصة على دعم صناعة الدواء وتقديم التسهيلات الممكنة لتعزيز مسارات عملها على مستوى الحكومة والقطاع الخاص، فى ظل أبعاد كثيرة تتعلَّق بالأمن القومى لهذه الصناعة الاستراتيجية، وضرورة العمل على توافر مختلف الأدوية لحماية المريض المصرى، كما يجب الإشادة أيضاً بما يقدمه الدكتور بهاء الدين زيدان، رئيس هيئة الشراء الموحَّد، من جهود كبيرة لدعم الصناعة وزيادة مُعدَّلات التصدير لتوفير العملة الصعبة.
وماذا عن ملف تحريك الأسعار ودور هيئة الدواء المصرية فى ذلك، خاصة فى ظل ارتفاع التكلفة بشكل قياسى خلال الفترة الماضية؟
هيئة الدواء تبذل جهداً كبيراً لضمان توافر الدواء للمريض المصرى، وهو الهدف الأسمى للهيئة ولجميع العاملين فى صناعة الدواء فى مصر، خاصة الأدوية المهمة التى تتعلَّق بحياة المواطن؛ لذلك فإن الهيئة تتفهَّم ضرورة تحريك الأسعار حتى تستطيع الشركات المنتجة الاستمرار فى إنتاجها فى ظل ارتفاع التكلفة بنسبة كبيرة، نتيجة ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج، ونتمنى أن يستمر هذا النهج للوصول لسعر عادل يضمن هامش ربح مقبولاً للشركات، بما يُعزِّز من استمرارية توافر الأدوية كافة.
وفى ظل هذه التحديات.. ما استراتيجية «إيبكس فارما» التى تسعى لتطبيقها خلال المرحلة الحالية؟
نحن نثق بقدرة سوق الدواء المصرية بشكل كبير؛ وذلك لاعتبارات تتعلَّق بالتجربة التاريخية لصناعة الدواء فى مصر ومستقبلها المبنىِّ على مرتكزات حيوية، تشمل تحفيز إنشاء الصناعات الدوائية، وتطوير المراكز البحثية، رغم التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، وكذلك بفلسفة الشركة المبنية على الثقة بهذه الصناعة والتزامنا التام تجاه المريض؛ لذلك فنحن نمتلك خطة توسُّعية تشمل ضخَّ استثمارات جديدة بقيمة مليار جنيه خلال الـ3 سنوات المقبلة، لتعزيز توسُّعات مصنع الشركة، وإضافة خطوط إنتاج جديدة، بجانب إنشاء مخزن جديد، بما يُعزِّز من قدرات المصنع الإنتاجية والتشغيلية بشكل قياسى.
وما الأصناف الدوائية والقطاعات العلاجية التى تستهدفون الدخول فيها خلال المرحلة المقبلة؟
فلسفتنا فى هذا الجانب ترتكز على الرِّيادة فى كل القطاعات العلاجية التى نعمل بها، من خلال تقديم مستحضرات دوائية متميزة وذات تأثير وفاعلية قوية، ومن المقرر أن نطرح من 10 إلى 15 مستحضراً جديداً خلال العام الجارى 2024، منها استهداف طرح 4 مستحضرات دوائية لمرضى السكر خلال الفترة المقبلة، وهو ما يأتى استكمالاً لمحفظة منتجاتنا الدوائية المميزة فى قطاعات الأمراض النفسية والعصبية، وكذلك أمراض القلب والسكر.
وما عدد المستحضرات الدوائية للشركة فى الوقت الحالى؟
تمتلك «إيبكس فارما» ما يصل إلى نحو 40 مستحضراً دوائياً تُغطِّى العديد من المجموعات الدوائية غير التقليدية، بحجم مبيعات يبلغ 3.3 مليار جنيه يمثل نحو 2.6% من مبيعات سوق الدواء فى مصر.
تمتلك الشركة رؤية نوعية فى ملف التصدير وفقاً لاستراتيجية العمل الخاصَّة بها، فما أهم مرتكزات هذه الرؤية؟
نحن نرى أن الأدوية الجنيسة أو ما يُعرف بـ«الجنيريك»، وهى أدوية مكافئة للدواء الأصلى الحاصل على براءة الاختراع، ليست سلعة تصديرية بمفهومها العام، وفُرَصُها التصديرية محدودة للغاية، وتحتاج لخطوات طويلة ومعقَّدة، وتكلفتها مرتفعة، بجانب أن كل دول العالم الآن لديها شركات أدوية محلية وتدعم منتجاتها، ومن ثمَّ من يرغب فى التوسُّع خارج الحدود والتواجد بقوة فى أى دولة يجب أن يتجه لإنشاء مصنع هناك، أو على الأقل الدخول فى شراكة مع شركة محلية للتصنيع لديها، بما يوفر لمستحضراتها ميزات الأدوية محلية الصُّنْع.
وهذه الحقيقة تشكل رؤيتنا لهذا الملف، سواء على مستوى التخطيط المستقبلى أو تبنِّى خطوات تنفيذية فى الوقت الحالى.
اتجاهكم لإنشاء مصنع بالسعودية يؤكد هذا التوجُّه فكيف بدأت الفكرة وخطوات التنفيذ؟
هذا صحيح، نحن بالفعل كان لنا السَّبق فى هذا التوجُّه، وبدأنا فى تنفيذ ذلك بالمملكة العربية السعودية منذ عام 2017، رغم أن سوق الدواء السعودية فى تلك الفترة لم تكن بمثل هذا الوضوح الذى هى عليه الآن، وعليه كان القرار أكثر صعوبة، لكننا حرصنا على ذلك، وهدفنا الرئيس هو التأكيد على التواجُد المصرى فى هذه السوق، مثل كل الشركات العالمية المتواجدة هناك، وإظهار صناعة الدواء المصرية بشكل يتناسب مع ريادتنا وتاريخنا الكبير فى هذا المجال، وبالتأكيد فإن نجاحنا بالمملكة سينعكس بالضرورة على جميع الأدوية المصرية.
وما تفاصيل المصنع من حيث المساحة والتكلفة الاستثمارية؟
إجمالى مساحة المصنع يصل إلى 50 ألف متر، فى منطقة الملك عبد الله الاقتصادية، المرحلة الأولى منه ستكون على 13 ألف متر تضم خطوط الإنتاج وأماكن للتخزين وغيرها، وتصل تكلفتها الاستثمارية لنحو 300 مليون ريال، ونحظى بشريك سعودى بحصة 20% أما الحصَّة المتبقية البالغة 80% فهى لشركة «إيبكس فارما مصر»، وانتهينا من تسجيل 16 مستحضراً من بين 67 مستحضراً فى مراحل التسجيل المختلفة.
وكيف تُقيِّم سوق الدواء السعودية والخطوات التى تتبنَّاها المملكة لتوطين صناعتها؟
قطاع الصناعات الدوائية فى السعودية يُعدُّ سوقاً واعدة لديها كثير من مقومات النجاح، واستراتيجيته مبنيَّة فى الوقت الحالى على تعزيز الانتماء للمنتج المحلى، وبناء صورة ذهنية إيجابية عنه على مستوى الكفاءة والنوعية، إلى جانب امتلاك السوق تشريعات دوائية ورقابية قويَّة، وتشهد أيضاً تنامياً كبيراً فى الاحتياج الصحى للأدوية والمنتجات الطبية، ومن ثمَّ فإن وجود مصنع للشركة داخل المملكة يدعم تواجدنا فى السوق بشكل كبير، ويمنحنا ميزة تنافسية يجعلنا قادرين على تحقيق أهدافنا الاستراتيجية.
لكن لا بُدَّ من التأكيد أيضاً على أن سوق الدواء السعودية فى غاية الصعوبة والتعقيد، وتحتاج إلى مستثمرين محترفين، خاصة أن المنافسة هناك قوية جداً والشركات العالمية أكثر شراسة، بجانب اختلاف طبيعة السوق عمَّا نراه فى السوق المصرية؛ فنسبة البيع فى مصر من خلال الصيدليات تمثل 80% فيما تستحوذ المناقصات والمستشفيات على 20% فقط، فى حين أن النسبة فى المملكة متساوية بين الصيدليات والمناقصات.
وما تقييمك للموارد البشرية فى صناعة الدواء المصرى والاحتياجات والبرامج الرئيسة لتعزيزها لمواكبة التطوُّر الحادث فى القطاع على المستويين المحلى والدولى؟
للأسف الشديد، سوق العمالة فى قطاع الدواء المصرى تعانى من عجز شديد، خاصة أنها صناعة معقَّدة تحتاج إلى تدريب ومهارة عالية، وبات قطاع الدواء يعانى من عدم توافر الموارد البشرية المؤهَّلة، وهو أحد أهم التحديات التى تواجه الصناعة. لذلك أتمنى الاهتمام بالمدارس الفنية المتخصصة التى أُعلِنَ عن إنشائها مؤخراً، على أن يكون هناك إشراف كامل عليها من هيئة الدواء المصرية، لضمان تخريج دفعات مدرَّبة قادرة على مواكبة سوق العمل والنُّهوض بالصناعة.