“تسعير الدواء والتسويق والتصدير” تمثل رؤوس المثلث الذهبي لوقف نزيف خسائر شركات الأدوية الحكومية التابعة لقطاع الأعمال العام.
وخلال اجتماعه الشهر الماضي، برئيس الشركة القابضة للأدوية، أكد خالد بدوي وزير قطاع الأعمال الجديد، على ضرورة العمل على إنتاج أدوية جديدة والتوقف عن إنتاج الأدوية غير المطلوبة.
كما وجه الوزير، باستغلال الفرصة الجيدة للتصدير في ظل تحرير سعر الصرف والمنافسة في الأسواق العالمية.
وخلال العام المالي الماضي، تحولت الشركة القابضة للأدوية للخسارة بقيمة 505.4 مليون جنيه مقابل صافي ربح بقيمة 167.4 مليون جنيه العام المالي 2015-2016.
تحول الشركة للخسارة، أرجعه علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، إلى انخفاض أسعار الأدوية في الشركات التابعة للقابضة عن التكلفة، وإنتاجها أصناف أدوية ضعيفة جدا، وبعضها غير مطلوب تسويقيا.
وقال مصدر ، مفضلا عدم ذكر اسمه، إن الشركة القابضة كانت تدعم الشركات التابعة ماليا من أرباح الشركة المصرية لتجارة الأدوية، لكن ذلك لم يحدث في العام المالي الماضي، بعد ما انتقلت مسئولية استيراد وتوزيع أصناف الأنسولين والألبان لصلح جهات سيادية، بدلا من الشركة المصرية، وهو ما أدى لتراجع أرباح الشركة وأثر سلبا على كل الشركات التابعة وعددها 11 شركة.
وتحولت الشركة المصرية لتجارة الأدوية، خلال العام المالي الماضي، للخسارة بقية 601.8 مليون جنيه، مقابل ربح 136.7 مليون جنيه العام المالي السابق.
وطالب عدد من الشركات التابعة للقابضة للأدوية بإعادة تسعير منتجاتها في ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج، والاهتمام بالتسويق، من أجل تحسين أدائها المالي.
- “تسعير الأدوية”
وقال عوف، إن شركات الأدوية بدأت إنتاجها سنة 1936 منذ أيام طلعت حرب، وبعدها قاد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر نهضة في صناعة الدواء في مصر، وكانت الشركات المصرية تغطي السوق المصري والشرق الأوسط.
وفي السبعينات بدأ الانفتاح في مصر، وبدأ القطاع الخاص بالاستثمار في الأدوية، وطلبت الشركات الخاصة تسعير الأدوية بما يتناسب مع تكلفة الإنتاج، وهو مالم يحدث في قطاع الأعمال، بحسب عوف.
وأضاف أنه “مع تدهور الصناعة المحلية للأدوية، بسبب تسعير الأدوية بنصف جنيه وجنيه، أُجبرت الشركات على الإنتاج بدافع الدور الوطني، وهو ما ضاعف خسائرها وحملها مديونيات كبيرة”.
و تعرضت الشركة المصرية لتجارة الأدوية لخسائر تتجاوز نصف مليار جنيه العام المالي الماضي، بسبب التزامها بالأسعار القديمة قبل تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016، وفقا لبيان سابق للوزارة.
وفي بيان رسمي للوزارة، قالت الشركة القابضة إن “الشركات عانت في إطار حرصها على القيام بدورها المجتمعى من خلال توفير الأدوية للمواطنين بأسعار مناسبة ومن بينها انخفاض أسعار العديد من مستحضراتها مقارنة بمثيلاتها فى الشركات الأخرى على الرغم من ارتفاع قيمة المدخلات من خامات ومستلزمات إنتاج والطاقة وتحرير سعر الصرف وزيادة الأجور”.
وطالبت شركة القاهرة للأدوية، بمراعاة التكلفة المباشرة عند تسعير الدواء بدلا من التكلفة الكلية مقارنة بسعر بيع المصنع، خاصة وأنها تواجه تحديا في 36 مستحضرا طبيا تحقق خسائر بقيمة 9.38 مليون جنيه تمثل الفرق بين التكلفة الصناعية وسعر بيع المصنع.
وتوقعت الشركة خسارة 16.4 مليون جنيه العام المالي الجاري، بسبب 44 مستحضرا تقل أسعار بيعها عن تكلفتها.
- “تنويع الإنتاج.. ومغامرة الإنتاج للغير”
تعمل شركات الأدوية في الإنتاج للغير، وتعتمد أغلبها عليه كمصدر أساسي لنشاطها، في حين تنتنج بعض الشركات صنفا أو إثنين على الأكثر باسمها فقط، والطريقتان تضعان الشركات في وضع حرج.
وفي ظل مخاطر ضعف الإنتاج، طالب وزير قطاع الأعمال الشركات بإنتاج أصناف جديدة من الأدوية، تتماشى مع حاجة السوق.
وتراجعت إيردات الإنتاج للغير في شركة القاهرة للأدوية، العام الماضي للنصف، نتيجة انسحاب معظم العملاء ببعض أصنافهم أو بكامل أصنافهم منها شركة نوفارتس فارما، ومالتي، وايبسي، شركة أدوية الحكمة.
وعلى الرغم من ارتفاع أرباح شركة الإسكندرية، لكنها تواجه خطر تغير موقف مبيعات البانادول، خلال العام الجاري، حيث تتركز 40% من مبيعاتها في 3 أصناف بنحو 200 مليون.
وقالت الشركة، إنها لو فقدت الأصناف “باي الكوفان أقراص، وباتادول اكسترا، وبانادول عادي” ستقل المبيعات بنسبة 40% وهذا ما حدث في شركة ممفيس وتسبب في تحولها للخسارة.
أما شركة ممفيس، التي تعاني من خسائر فادحة، فهي تعتمد على صنف دوائي واحد، يعد هو سبب استمرار إنتاجها، وهو “الأسبرين” لأنها تنتجه “بشكل حصري” بحسب ما قاله عضو في مجلس إدارة الشركة لمصراوي، مفضلا عدم ذكر اسمه.
وأضاف “الشركة تنتج ماعدا ذلك كازاميد، وديراميسين، وأصناف ليست كثيرة، كما أن السوق بيطلب 3 أو 4 أصناف فقط مما تنتجه و أسعارها منخفضة”.
- “التسويق والتصدير”
كأحد سبل تنمية المبيعات، أوصى محمد ونيس رئيس الشركة القابضة للأدوية السابق، بضرورة تكثيف الجهود التسويقية للشركات مع شركة هولدي فارما للتسويق والتصدير.
وقال عضو بمجلس إدارة شركة ممفيس للأدوية ، “منتجاتنا معظمها تنتج في الشركات الخاصة بأسعار مضاعفة، لكن لأن لديهم دعاية قوية يستطيعون تسويقها ويحققون مبيعات قوية”.
ورغم تحولها للربح العام العام المالي الماضي، تحولت ممفيس للأدوية للخسارة بقيمة 19.8 مليون جنيه النصف الأول من العام الجاري، ومن المتوقع أن تسجل خسائر سنوية تصل لـ 40 مليون جنيه بنهاية العام، بحسب المصدر .
كما أن شركة القاهرة للأدوية التي حققت زيادة في أرباحها العام المالي الماضي بنسبة 90.6%، لم تتمكن من إنتاج 21 صنفا، لأسباب يرجع معظمها لكون هذه المستحضرات غير مطلوبة تسويقيا.
ويعد ضعف إنتاج الشركات وغياب التسويق، أحد أسباب تراجع صادراتها، بالإضافة إلى مواجهة الشركات مشكلات في أسواقها الرئيسية.
وظهر ذلك في شركة القاهرة للأدوية، حيث تم إغلاق أسواق الخليج أمام منتجاتها لعدم اجتيازها شروط التصنيع الجديدة عن الأعوام 2002، 2009، 2013.
وقالت الشركة إنها لم تنتج أي كمية من صنف تركاتين شراب للسوق أو التصدير منذ أعدمت وزارة الصحة العراقية 47 ألف عبوة بتاريخ 26/6/2014، و”لم يتم موافاتنا بأسباب عدم اجتياز الأصناف للفحص المختبري بدولة العراق”.
وتسعى شركة النيل للأدوية، لفتح أسواق جديدة لتصدير مستحضراتها بدول أفريقيا، ودول الاتحاد السوفيتي سابقا،، بعدما واجهت صعوبات في أسواقها الرئيسية بسبب الاضطرابات في ليبيا واليمن والعراق.
وقالت الشركة إنها تستهدف البدء في تطوير خطي إنتاج الفوارات والأقراص خلال العام المالي الجاري، بتكلفة استثمارية تزيد على 40 مليون جنيه، لتنمية مبيعات التصدير لتوفير العملة الحرة.