د.أحمد فراج يكتب.. لماذا أصبحت الرعاية الوقائية مهمة لمصر أكثر من أي وقت مضى؟
حطمت جائحة كورونا، على مدار العامين الماضيين، أنظمة الرعاية الصحية على مستوى العالم. حيث كان على الحكومات تقديم حلول إبداعية لدعم وتقوية أنظمة الرعاية الصحية الحالية، بهدف توفير الأدوات والموارد الطبية والمعلومات التعليمية اللازمة لتحسين صحة المواطنين اليومية.
من ناحية آخري، فقد غامر المستهلكون من أجل تحقيق فكرة التشخيص الذاتي، عن طريق البحث وسط الأدوية التي يمكن صرفها دون طبية (OTC)، وتبني نمط حياة صحي، ومحاولة الوصول للمعلومات الصحيحة والأدوات التعليمية اللازمة من أجل تحقيق فكرة التشخيص الذاتي.
كان تفشي وباء كورونا سبب في خلق واقعًا صحيًا جديدًا لكثير من الناس، حيث بحث المستهلكون، خلال مرحلة تفشي هذا الوباء، عن الفيتامينات والمعادن وغيرها من المنتجات التي تدعم الصحة اليومية وتساعد في الوقاية من الأمراض التي يمكن تجنبها، ومن المتوقع أن يستمر الطلب على هذه المنتجات، في ظل استمرار تفشي الوباء على مستوى العالم.
وحتى قبل تفشي الوباء، لطالما بحث المستهلكون عن حلول رعاية ذاتية مريحة ويمكن الوصول لها دون جهد كبير، على أن تكون سهلة الاستخدام، للعناية بأنفسهم في المنزل ولتقليل فرص إصابتهم بالأمراض المختلفة.
ينظر كثيرون للرعاية الوقائية بوصفها مفتاح التعافي، من منظور الرعاية الصحية ومن المنظور الاقتصادي. حيث يجب تقديم الإجراءات الوقائية على العلاج. يتمتع حاليا كثير من الناس، في ظل العديد من الحلول المبتكرة التي تم تقديمها مؤخرا، بإمكانية الوصول المباشر للرعاية الوقائية، والتي تتفاوت من طلب المشورة من خلال التطبيب عن بُعد أو الصيادلة، وصولا إلى تغيير أسلوب الحياة بالكامل ليتضمن أكبر قدر ممكن من التدابير الوقائية واتباع تدابير الحماية، وعلى رأسها الرعية الشخصية والحد من التفاعلات القريبة، التي قد تتسبب في نقل العديد من الأمراض.
تسببت العديد من العوامل، التي يأتي على رأسها ظهور أمراض ترتبط بنمط الحياة مثل السمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض المرتبطة بالسكري، في خلق احتياج ملح لإصلاح القطاع الوقائي. وتسبب ذلك في تسارع الإصلاحات التي تم تطبيقها في هذا القطاع، وكان أهم أهداف هذه الإجراءات الإصلاحية هو مواجهة النمو السكاني في مصر والذي من المتوقع أن ينمو من 101.6 مليون حاليًا إلى 130 مليون بحلول عام 2030 و175 مليونًا بحلول عام 2050.
حيث قامت وزارة الصحة والسكان المصرية بتطبيق استراتيجية تحول قوية لرفع مستويات الرعاية الصحية في مصر، عن طريق توفير الإجراءات الوقائية المختلفة، فضلاً عن ضمان توفر إجراءات التدخل المبكر لجميع المصريين. حيث لخص تقرير مؤشر الجاهزية للرعاية الذاتية، الذي نُشر مؤخرا، عوامل دعم أنظمة الرعاية الذاتية والرعاية الصحية في مصر في أربعة عوامل أساسية: دعم كافة أطراف المنظومة الصحية، وتمكين المستهلكين والمرضى، وإعادة هيكلة السياسات الصحية، ودعم البيئة التنظيمية والتشريعية في مصر.
تحسين مستويات الرعاية الأولية من خلال تبني سياسات أكثر تقدما
شهد القطاع الصحي في مصر تطورا ملحوظا على مدار الأعوام الماضية، بما في ذلك إدخال أنظمة المراقبة عن بعد واستخدام منصات الرعاية الصحية عن بُعد والتطبيقات والأجهزة التي تدعم الذكاء الاصطناعي، ما خلق مناخا من التعاون بين مقدمي الرعاية الصحية والمرضى. وكان أحد الحلول التي قدمتها مصر مؤخرًا، لمواجهة هذه التطورات المستمرة، هو منظومة التأمين الصحي الشامل في مصر، والتي تهدف إلى بناء نظام صحي رقمي متكامل، من خلال جعل التأمين الصحي إلزاميًا لجميع المواطنين.
وبتطبيق هذا النظام ستشهد مصر، لأول مرة في تاريخها، تنسيق وتكامل بين القطاع الصحي ورؤية مصر للتنمية المستدامة لعام 2030، بهدف توفير غطاء تأميني لجميع المواطنين في البلاد، وتوحيد الجهود الرسمية مع القطاع الخاص، إضافة إلى زيادة التعاون مع مختلف أطراف منظومة الرعاية الصحية في مصر، وعلى رأسهم مقدمي الخدمات وشركات الأدوية الذين يتطلعون إلى تصنيع منتجاتهم محليًا في مصر.
وتضمنت استراتيجية الحكومة المصرية، التي تهدف إلى ترسيخ ثقافة الرعاية الصحية الرقمية، استراتيجية واضحة وشاملة لإصلاح قطاع الرعاية الصحية في مصر، عبر تنفيذ عدد من المبادرات المتنوعة، التي كان من ضمنها إطلاق خدمات الرعاية الصحية عن بُعد والتطبيقات الرقمية لتحسين جودة الرعاية الأولية والثانوية، فضلاً عن تسريع وصول المرضى إلى ممارسي ومقدمي الرعاية الصحية.
دعم المرضى كأولوية لمتخذ القرار المصري
تعد المبادرة الرئاسية، التي تم تدشينها في مصر مؤخرا “100 مليون صحة”، دليلاً على التزام الدولة بتحسين حياة المصريين وزيادة الوعي تجاه انتشار الأمراض غير المعدية وسبل السيطرة عليها. لكن تشعب أهداف تلك المبادرة، وغيرها من مبادرات إصلاح وتطوير القطاع الصحي في مصر، دفعت العديد من الشركات الخاصة للمشاركة في عمليات التنفيذ والدعم. على سبيل المثال قامت “باير”، من خلال خدماتها ومنتجاتها الصحية الاستهلاكية، دعم الجهود المبذولة للتغلب على التحديات الرئيسية الناجمة عن زيادة عدد السكان،
حيث قامت بتوفير المنتجات، والعمل على تسهيل وصول المرضى إلى مقدمي الرعاية الصحية، إضافة إلى العمل على توفير مسكنات الألم الفعالة، قليلة التكلفة، والتي تستهدف المرضى الذين لديهم تاريخ من النوبات القلبية وأمراض القلب والأوعية الدموية في جميع المحافظات المصرية، من أجل توفير التوعية اللازمة حول كيفية التعامل مع تلك الأمراض وتأثيرها على المجتمع وسبل التعامل معها ومواجهتها.
الحاجة لدعم كافة أطراف المنظومة
تعد ممارسة الرعاية الوقائية أمر بالغ الأهمية، خاصة في أوقات الأزمات. حيث يعد تظافر الجهود بين متلقي الخدمات الطبية ومقدميها وأجهزة الرعاية الصحية نفسها ضروريا، لضمان نجاح عملية تطوير القطاع الصحي في مصر بشكل عام. لذلك، سهلت وزارة الصحة والسكان المصرية الوصول إلى المعلمين الصحيين، حيث يتم توظيف هؤلاء المعلمين لتخفيف الضغط عن مقدمي الخدمة أنفسهم، الذين يكون وقتهم لكل مريض محدودًا بسبب متوسط عدد الاستشارات اليومي المرتفع.
أحرزت مصر تقدمًا كبيرًا في زيادة الوعي الصحي وتحسين الثقافة الصحية بين السكان، بمساعدة عملية التحول الرقمي والعديد من المبادرات الرئاسية التي تركز على الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وكيفية التشخيص الذاتي والإدارة الذاتية. وتسعى باير للمشاركة الإيجابية في هذه العملية.
حيث تتماشى هذه الجهود مع رؤية باير العالمية المتمثلة في “العلم من أجل حياة أفضل”، والتي تهدف إلى تغيير الثقافة والعادات الصحية اليومية، ونأمل باير إلى أن تتمكن هذه الجهود تغيير حقيقي في القطاع الطبي المصري، من خلال تزويد الأشخاص وممارسي الرعاية الصحية بالتعليم والمعرفة والوصول والحلول المناسبة للأمراض.
تطور السياسات الصحية المصرية والبيئة المنظمة لها
تعمل باير حاليا، مع الحكومة المصرية، على إتاحة منتجاتها الطبية لكافة أطراف المنظومة الصحية في مصر، مع الالتزام بكافة القواعد الحاكمة الموضوعة من قبل السلطات المصرية، لضبط السوق، بما في ذلك التوقيت والكميات والأسعار. ويأتي ذلك بالتزامن مع التوسع في تقديم الخدمات الطبية في مختلف المحافظات المصرية.
بالإضافة إلى ذلك تهدف باير في مصر إلى دعم الحكومة لتحقيق رؤيتها الوطنية لعام 2030، من خلال التوسع في توطين صناعة الأدوية في مصر، من خلال تصنيع 85٪ من منتجات باير محليًا، للعمل على زيادة توافر مستلزمات الرعاية الوقائية والأدوية التي يمكن صرفها دون وصفة علاجية، بالتعاون مع هيئة الدواء المصرية،
,في سياق متصل تعمل باير مصر حاليًا مع هيئة الشراء الموحد المصرية على توفير كميات كبيرة من المنتجات بأسعار معقولة لضمان الوصول العادل إلى المنتجات الطبية والمبتكرة حتى يتمكن كل مواطن مصري يحتاج إلى أي منتج علاجي من الحصول عليها
لقد أثبتت التجارب المختلفة على مر الأعوام الماضية أنه عندما يكون لدى الناس القدرة على رعاية أنفسهم، فإنهم يعيشون حياة أفضل، وتصبح أنظمة الرعاية الصحية أكثر استدامة واستقرار، حيث تؤمن باير، اتساقا مع المبادرات المجتمعية المختلفة التي تركز على المريض وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDG3) لتعزيز الرفاهية، والتأكيد على أن كل حياة مهمة، بغض النظر عن الربحية.
حيث تظل التطورات العلمية والتكنولوجية الرائدة أولوية بالنسبة لنا، لمواصلة المساعدة في تغيير شكل حياة المصريين ورفع مستوى وفهم الرعاية الوقائية في مصر وخارجها.
الدكتور أحمد فراج
رئيس باير قسم صحة المستهلك لمنطقه مصر وبلاد الشام