الدكتورة أماني مصطفى تكتب… الصحة النفسية وعلاقتها بالإنتاجية
أصبحت قضايا الصحة النفسية والعقلية هي القضيه الأهم في الحياه نظراً لما يواجه العالم أجمع من ضغوطات وتوترات وحروب نفسية واقتصادية تؤثر علي اسلوب الحياة والمعيشة وإنتاجية الفرد وقدرته علي التحمل.
واذا نظرنا الي الموضوع بنظرة أكثر تخصصية علي قضايا الصحة النفسية والعقلية وسلامة العاملين وبيئه العمل سنجد علاقة وثيقة بين الإنتاجية ومكان العمل ومايتعرض له العاملون من ظروف تؤثر علي الحالة الذهنية والتي قد تتطور من حالات اجهاد وتوتر وقلق وتصل الي أعراض اكتئاب وإنحرافات سلوكية في أوقات كثيره.
ومؤخراً حاذت الصحة النفسية في العمل علي إهتمام كبير وتغيير للمفاهيم بالعلاقات الداخلية داخل المنظمات سواء كانت هذه العلاقات رسميه أو اجتماعية غير رسمية، ولكنها في النهاية مؤثرة ومحفزة للإنتاج، ولها دور مباشر علي مؤشرات الأداء النهائية، حيث ان العمل وزملاء العمل يشكلون جزءاً أساسياً في حياه أي فرد بأختلاف مستوياته لقضائه أكثر من ثمانية ساعات يومياً وأكثر أيام الاسبوع مع اشخاص ذوي خلفيات وثقافات مختلفة وقدرتهم علي مواجة مصاعب وتواترات قد تكون في ظاهرها متشابهة الي حد ما ولكن في الواقع هناك فروقات كبيرة.
لقد أصبح جلياً أن العوامل التي تساعد علي النمو وتحقيق أقصي أنواع الإنجاز والتميز في مجال الأعمال، يجب أن تكون بالتوازي وعلي نفس درجه أهمية توفير التمويل المالي، إيجاد ادارات رشيدة وقوية علي دراية كاملة بتخصصاتها وتدريب عالي وثقافة لإتقان عملهم بشكل فعّال، ولقد تم البرهنه علي أنه عند توافر هذه التركيبه، حينئذ يكون سهل الحصول علي تشكيل فريقاً فريداً ومتميزاً لرفع الروح المعنويه داخل بيئة العمل وأحيانا خارجها، عندما نحتاج لتكوين نظرة شاملة علي المنظمات.
لقد أدركت المنظمات بالإثباتات الفعلية أن الصحة النفسية للعاملين ولبيئة العمل هامة جدا ومكلفة، وذلك حين تكلفت العديد من الشركات الأمريكيه التي كان فيها 18.3% من موظفيها يعاني من مشاكل صحية ونفسية تراوحت مابين توتر وصداع وشعور بالإرهاق وعدم القدرة علي مواجهة التداعيات المالية التي أصابت العالم أجمع جراء وباء كوفيد 19، لمليارات الدولارات سواء من الخسارة المباشرة أو من تكلفة لعلاجات للعاملين ومحاولاتهم المحافظة علي الكوادر البشرية التي لها القدرة علي مواجهة التحديات وتجاوز النكسات داخل المنظومه وتحويل الخسارات الي مكاسب في أوقات كثيرة ودعمهم لما يسمي بالرشاقة الذهنية وتطوريها الي الإبداع والإبتكار في أوقات كثيرة.
إن فكرة إهتمام أصحاب الأعمال أو المسئولون في أماكنهم بالصحه النفسية في المكان في حد ذاتها تدعو الي تغيير وتحجيم ثقافة التوتر وتعزز من الولاء والإنتماء ويفتح مجالات متبادلة للثقة والحوار المفتوح الفعّال.
بإختصار هذه هي نظرة العالم للموظف والعامل، ولكن آن لنا أن نعرف أين نحن الأن من ذلك الفكر خاصة اذا كانت رؤوس أموالنا أكثرها في الطاقات البشرية وفي الشباب والأجيال القادمة.
الدكتورة أماني مصطفى
رئيس المؤسسة المصرية لحماية حقوق المرضى