وافق مجلس النواب في جلسته اليوم الأحد برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على مشروع قانون المسئولية الطبية وحماية المريض من حيث المبدأ ومواد الإصدار، وذلك بمشاركة الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، و المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي.
ويهدف مشروع القانون إلى استحداث منظومة متطورة لأحكام المسئولية الطبية في مصر توازن بين تحقيق الطمأنينة والحرية لمزاولي المهن الطبية المختلفة أثناء قيامهم بواجباتهم في تقديم خدمات الرعاية الطبية الوقائية أو التشخيصية أو العلاجية أو التأهيلية، وتوفير السلامة والحماية اللازمة لمتلقي هذه الخدمات مما يقع في حقهم من أخطاء، والتأكيد على الحقوق الأساسية لمتلقي الخدمة الطبية أيا كان نوعها، وكذا توحيد الإطار الحاكم للمسئولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولي المهن الطبية.
كما يأتى هذا المشروع كاستحقاق ضروري لتنظيم القطاعات الحيوية التي تؤثر على حياة الأفراد، وعلى رأسها مهنة الطب. فالعمل الطبي يُعد من أخطر المهن، حيث لا يقتصر دور الطبيب على التعامل مع المرضى، بل يخوض معركة مع المجهول داخل الجسد الإنساني باستخدام ما تتيحه له العلوم الطبية. ومن هنا تأتي أهمية مشروع القانون لضبط هذه المهنة الحيوية وتحقيق التوازن بين حماية المرضى وضمان بيئة عمل عادلة للأطباء.
وأكد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، أن مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض يعد خطوة تشريعية مهمة توازن بين حماية مقدمي الخدمة الطبية وضمان سلامة المرضى، وفقًا لما نص عليه الدستور المصري. وأشار إلى أن هذا التشريع ظل لفترة طويلة بعيدًا عن المناقشة نظرًا لما يتضمنه من نصوص دقيقة تحقق الحماية للأطقم الطبية، مؤكدًا أن العديد من مطالب الأطباء تمت الاستجابة لها بما يتوافق مع الدستور والقانون، حيث يوفر التشريع إطارًا واضحًا ينظم العلاقة بين مقدمي الخدمة ومتلقيها، ويضمن التوازن بين حقوق وواجبات الطرفين بما يسهم في تطوير المنظومة الصحية.
وأضاف، أن مشروع القانون يتضمن عدة مكتسبات رئيسية، من بينها تحديد حالات واضحة لا تُساءل فيها الأطقم الطبية، والتفرقة بين الأخطاء الطبية المعتادة والمضاعفات التي لا تستوجب عقوبة، وبين الأخطاء الطبية الجسيمة التي تستوجب الغرامة أو الحبس وفقًا لطبيعتها. كما ينص التشريع على إنشاء لجنة عليا للمسؤولية الطبية تضم ممثلين عن المهن الطبية والنقابات المتخصصة، ولجان فنية لتقييم الأخطاء الطبية وتحديد نسب المسؤولية.
أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أن مجلس النواب الحالي تحمل مسؤولية تشريعية كبرى، مشيدًا بالدور الذي اضطلع به في مناقشة وإقرار القوانين المهمة التي تمس حياة المواطنين، قائلاً: “أشهد الله أن هذا المجلس تحمل مسؤولية تشريعية جسيمة، بدءًا من قانون الإجراءات الجنائية، مرورًا بقانون العمل، واليوم يواصل مسيرته بخطوة لا تقل أهمية عبر مناقشة قانون المسؤولية الطبية”.
وأوضح وزير الشئون النيابية أن قوانين تتظيم المسئولية الطبية معمول في جميع الدول المتقدمة، مشددًا على أن الوقت قد حان لكي يكون لمصر قانونها الخاص في هذا المجال، ومؤكدًا أن إصدار هذا القانون في هذا التوقيت يُحسب لمجلس النواب.
وأشار المستشار محمود فوزي، إلى المراحل المطولة التي مر بها مشروع القانون، بدءًا من مناقشاته داخل الحكومة ومجلس الدولة، مرورًا باللجان المختصة، ثم المداولات المعمقة في مجلس الشيوخ، والتي أسفرت عن تسليط الضوء على العديد من القضايا الجوهرية. وأضاف: “بعد انتهاء المناقشات داخل المجلس، سنصل إلى صيغة مرضية تحقق التوازن المطلوب، وهو ما لم يكن ليتحقق لولا النقاشات الهادئة والمستفيضة التي أخذت مساحتها ووقتها الكافي”.
وفي ختام كلمته، أشار الوزير فوزي، إلى القيمة الكبيرة لمهنة الطب وأشار إلى انه “لايزال الطبيب المصري علامة على الجودة والكفاءة، وأن مصر لا يشق لها غبار في مجال الطب والاطقم الطبية” ، مقدرا المسئولية الجسيمة التي يتحملها الأطباء، معربًا عن فخره بالكفاءات الطبية المصرية. وقال: “هذا القانون لا يستهدف الاضرار بأحد، بل يسعى إلى تحقيق مزيد من الانضباط وطمأنة المرضى، لأننا جميعًا قد نكون مرضى يومًا ما، أو حتى أطباء يحتاجون إلى بيئة قانونية عادلة ومنظمة”
هذا وقد أوضح السيد الدكتور خالد عبد الغفار، أن القانون يستحدث أيضًا صندوق تأمين حكومي للمساهمة في تعويض الأضرار الناجمة عن الأخطاء الطبية، إلى جانب وضع نظام للتسوية الودية للشكاوى.
واختتم بالتأكيد على التزام الحكومة بتعديل التشريع بما يحقق الصالح العام دون الإخلال بأحكام الدستور، مشددًا على أن مهنة الطب تعتمد على بذل العناية وليس تحقيق النتائج المطلقة، وأن لجنة الصحة بمجلس النواب نجحت في تحقيق توازن دقيق بين حقوق الأطباء وسلامة المرضى، في إطار الالتزام الدستوري.
ووافق المجلس بعد مداولات معمقة على مشروع القانون من حيث المبدأ، ثم انتقل إلى مناقشة مواد مشروع القانون، وتعديلات السادة النواب عليها، حيث انتهى المجلس من نظر مواد الاصدار والمادة (1) من القانون المرافق، حيث وافق على مواد الاصدار كما وافقت عليها اللجنة المشتركة ووافق على المادة (1) معدلة ، على أن يستكمل نظر باقى مواد المشروع فى الجلسات المقبل