في خطوة هي الأولى من نوعها في الأردن، أسس مواطنون أردنيون مبادرة خيرية غير ربحية بعنوان “بنك الدواء”، شعارها “معا لمكافحة المرض”، لتوفير الأدوية وإتاحتها مجانا للمواطنين غير القادرين على شرائه، ليحاكي في أهدافه وآلية عمله بنوك الدواء المنتشرة في دول العالم.
ويهدف “بنك الدواء”، المرخص من وزارة التنمية الاجتماعية ويعمل ضمن اختصاص وزارة الصحة، وفق حديث أشرف الكيلاني أحد القائمين عليه، ليكون حلقة الوصل بين المريض الفقير من مختلف الجنسيات، والجهات المعنية بتوفير وبيع الأدوية في المملكة، وبعض أهل الخير من الراغبين بالمساعدة.
ويوضح الكيلاني أن البنك سيقدم الخدمة للمريض بشكل مباشر، بعد تقديمه لتقاريره الطبية والوصفات العلاجية المعتمدة، وبياناته الشخصية للتأكد من عدم قدرته على توفير علاجه.
ولن تقتصر جهود مؤسسي المبادرة التي جاءت تلبية لتوجيهات العاهل الأردني بتخفيض أسعار الدواء التي شهدت جدلا واسعا مؤخرا، على توفير الدواء للمرضى المحتاجين.
بل سينشر مؤسسو البنك التوعية الصحية والدوائية عبر تنظيم مؤتمرات وندوات، يقدمها متخصصون في مجال الدواء، توجه إلى المواطنين وتطرح فيها محاور عن ضرورة الالتزام بالوصفات الطبية الدقيقة، والأدوية السمية والمخدرات والإدمان وغيرها.
من جانبه، أكد وزير الصحة سعد جابر أن الوزارة لا تعلم عن مبادرة “بنك الدواء”، باعتبارها من اختصاص المؤسسة العامة للغذاء والدواء.
وقال إن الوزارة تدعم أي مبادرات هدفها التخفيف عن المرضى، بشروط أمن وسلامة عالية المستوى، بما ينسجم مع القوانين والأنظمة المتعلقة بالأدوية.
رأي آخر
على الضفة الأخرى، برزت آراء شككت في سلامة الوضع القانوني لبنك الدواء، وتخوفات ما وصفه المشككون من استغلال المهنة -أي الصيدلة- وتحويلها إلى تجارة واستثمار، وفي هذا الإطار، قال الدكتور زيد الكيلاني نقيب الصيادلة “إن الدواء له شروط خاصة لتداوله وتخزينه وإعطائه، ولا يجوز التعامل معه خارج الأطر القانونية بأي شكل”.
وتابع أنه على الجمعية ترخيص صيدلية خاصة يوزع من خلالها الدواء مجانا وفقا للقانون.
ويعتقد أن المبادرة “فكرة جميلة”، لكنها تحتاج لتوجيه لتضمن سيرها ضمن الأطر القانونية بما يضمن مصلحة المريض أولا وأخيرا.
بيد أن الكيلاني أكد أن البنك سيكون ناقلا للدواء من الصيدلية للمريض، ولا علاقة له باستيراد الأدوية أو تخزينها، بحسب تعبيره.
ترحيب رسمي
من جهته، حسم المدير العام لمؤسسة الغذاء والدواء هايل عبيدات الجدل القائم بقوله إن “المؤسسة ترحب بفكرة جمعية خيرية، تقوم على الاهتمام بالمرضى وصحتهم، بشرط ألا تتعاطى تجاريا أو تتداول بمنتج الدواء”.
وأكد عبيدات ضرورة أن تقوم فكرة البنك على تقديم الدواء مجانا لمنتسبيه، وفق ما تسمح به الأصول والتشريعات الخاصة بالدواء، في ظل احتمالية وجود رغبة لدى بعض شركات الأدوية بالتبرع، تخفيفا للعبء الضريبي المفروض عليها، كما هو مطبق في دول العالم، وفقا لتعبيره.
وأثير ملف ارتفاع أسعار الأدوية عقب توجيه رئيس اللجنة الاقتصادية البرلمانية خير أبو صعيليك في مايو الماضي، تساؤلات عدة إلى الحكومة بشأن أسباب هذا الارتفاع في المملكة مقارنة بالدول الأخرى.
وتداول مواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لأدوية تباع في الأردن أضعاف ما تباع في دول أخرى رغم أنها تعود للشركات المصنعة ذاتها، كدواء “النيكسيوم” الذي يباع بنحو 14 دينارا (19.75 دولارا)، في حين يباع الدواء نفسه في تركيا بأقل من أربعة دنانير، ودواء “أرافا” الذي يبلغ سعره أربعين دينارا، في حين لا يتجاوز ثمنه في تركيا سبعة دنانير.
على وقع هذا الجدل أصدر ملك الأردن في يونيو الماضي توجيهات للحكومة بتخفيض أسعار الأدوية.
لاحقا، خفضت الحكومة أسعار نحو 1127 سلعة دوائية، وسط ما وصفه متخصصون بالغموض في الأسس والآليات التي اتبعتها الحكومة في استجابتها للأوامر الملكية.