د. محمد مبروك يكتب.. رمضان في مواجهة كورونا
يهل علينا شهر رمضان المبارك هذا العام في ظل ظروف استثنائية من انتشار وباء جديد لم تعرف له البشرية مثيلاً من قبل في سرعة انتشاره وضراوة مهاجمته للجهاز التنفسي في نسبة ليست بالقليلة ممن يصابون به، ما أدى الى وصول عدد الوفيات الى بضعة مئات في مصر مقابل عشرات الآلاف في بلدان شتى على مستوى العالم.
و مما لا شك فيه أن تعامل الإدارة المصرية مع الأزمة منذ اللحظة الأولى كان مميزاً للغاية حيث كان توجه القيادة السياسية الواضح هو الحفاظ على حياة المواطنين مهما كانت التكلفة، و في المقابل تم اتخاذ إجراءات من الذكاء بمكان للحفاظ على استمرار الحياة بشكل شبه طبيعي فيما يتعلق بتوافر السلع الغذائية و التموينية وكل ما يتم احتياجه دون نقص أو حتى تأثير.
و قد أحس المواطن العادي بذلك وهو يطالع ما يحدث على شبكات الاعلام العالمية وعقد المقارنات بين وضعنا الداخلي وما تعانيه دول عديدة ذات أوضاع اقتصادية مستقرة.
كما قامت الحكومة بفرض حظر على حركة المواطنين في ساعات الليل مع اغلاق كافة المقاهي و المتاجر ومنع التجمعات بشكل مدروس مما سهل الحفاظ على استمرار عجلة الإنتاج نهاراً بشكل شبه طبيعي في كثير من القطاعات و بشكل نسبى في قطاعات أخرى مع أخذ الكثير من الإجراءات المساعدة على وقف انتشار الفيروس.
و فيما يتعلق بمعدات مكافحة الفيروس والتي تعانى معظم دول العالم من نقصها، اتخذت الحكومة إجراءات مدهشة من تشغيل خطوط انتاج إضافية لإنتاج هذه المعدات ومواد التطهير وطرحها بأسعار مناسبة في وقت قياسي كما قامت بالتعاون مع الصين في انشاء مصنع كمامات بالمنطقة الحرة بطاقة إنتاجية تفوق النصف مليون كمامة يومياً لسد الاحتياج المحلى، وتم الانتهاء من انشاء المصنع، وقد بدء الإنتاج بالفعل في سابقة تدعو للزهو و الفخر.
و بالنظر الى معدل الانتشار في مصر مع كل الإجراءات المفروضة من الحكومة نجد أن الأرقام ما زالت غير مقلقة اذا استمر منحنى الانتشار بهذا الشكل و خصوصاً اذا تم استغلال شهر رمضان المعظم بالشكل المناسب من الحفاظ على حظر حركة المواطنين ليلاً والاستمرار في نفس مواعيد الاغلاق في الخامسة مساءً.
ومن المعروف أن نهار رمضان في مثل هذه الأيام و مع ارتفاع درجة الحرارة، سيحد كثيراً من حركة المواطنين نهاراً و خصوصاً كبار السن أو أصحاب الأمراض المزمنة الأكثر عرضة للإصابة والذين يحرصون على الصيام.
و مع ما شاهدناه في الأسبوع الأخير من تخفيف التجمعات بشكل ملحوظ نظراً لحل معظم المسببات لهذه التجمعات، فمن المنتظر أن نرى الشوارع في نهار رمضان بلا أي ازدحام، ومع الحظر الليلى نكون قد حققنا المعادلة الأكثر صعوبة وهي الوصول لنتائج الاغلاق الكامل مع عدم اغلاق الاقتصاد، حيث أن الشهر الكريم سيعمل على خفض الحركة مع ساعات النهار بالإضافة الى الحظر الليلى تزامناً مع استمرار حركة الإنتاج و العمل.
ثلاثون يوماً – عدد أيام رمضان – شبه اغلاق تام، بالضرورة سيكون لها تأثير فارق على انتشار الفيروس و من ثم يمكن محاصرته في علاج المصابين و التخلص منه بشكل نسبى ويمكن مع عيد الفطر القادم أن نكون قد وصلنا الى مرحلة الأمان وتنخفض نسبة الإصابة تماماً.
و بهذا يكون شهر رمضان قد أعطانا احدى نفحاته و لكن هذه المرة بشكل مختلف.
كل عام و أنتم بخير
الدكتور محمد مبروك
الرئيس التنفيذي لشركة فارميد هيلث كير، وعضو غرفة صناعة الأدوية