د. محمد جلال: مصر هى المنطقة المركزية التى تُحدِّد اتجاهات «باير» بالشرق الأوسط
ونستهدف ضخَّ 240 مليون جنيه خلال ثلاث سنوات
د. محمد جلال نائب الرئيس والمدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط لصحة المستهلك:
مصر من أكبر الأسوق الفاعلة فى حركة الاستثمار بالمنطقة.. وتتمتع بمقوِّمات تشغيلية وبشرية قادرة على مواجهة الصدمات الخارجية
ندعم توطين صناعة الدواء فى مصر لتمتُّعها بفرص نمو مرتفعة.. ونستهدف إنتاج 80% من مبيعاتنا محلياً
صناعة الدواء تحتاج إلى آليات أكثر وضوحاً ومرونة فى ملف التسعير لتحقيق التوازن المطلوب مع سعر الصرف ومستويات التضخُّم
أتوقع عودة استقرار سوق الدواء وتحقيقها مُعدَّلات نمو جيدة فى النصف الثانى من 2023 بدافع آليات المواجهة والتوسُّعات الاستثمارية
نستهدف تصنيع الأسبرين فى مصر لأول مرة فى الشرق الأوسط العام المقبل.. والمستحضرات الطبية الجلدية بحلول عام 2025
نعتزم الوصول بمبيعات أدويتنا بقطاع صحة المستهلك فى الشرق الأوسط إلى 200 مليون دولار بنهاية العام الجارى
لدينا 600 موظف بمجموعة الشركة في منطقة الشرق الأوسط يمثلون الاستثمار الحقيقى للشركة بالمنطقة.. ونسعى دائماً لتصدير الكوادر والكفاءات لـ«باير» فى دول العالم
نؤمن بأهمية المسئولية المجتمعية بوصفها مرتكزاً رئيساً للعمل فى الأسواق بالمنطقة.. ونستعد للإعلان عن مبادرة للتوعية بأمراض القلب فى مصر
65 مليون يورو إجمالى مبيعات الشركة فى مصر.. والمجموعة تخصص 5 مليارات يورو سنويا للبحث والتطوير
صنعت شركة «باير» الألمانية قصة نجاح كبيرة فى السوق المصرية منذ دخولها إليها مُحمَّلةً بخبراتها الطويلة فى الأسواق الدولية وملاءتها المالية والتشغيلية، وبتوسيمها بشكل دائم بأنها كيان رئيس للإبداع والتطوير فى مجال الصناعات الدوائية، ومركز للتقنيات الحديثة فى موطنها الأم (ألمانيا)، إضافة إلى ثقة قياداتها المحلية والإقليمية الدائمة بالاقتصاد المصرى فى كل الظروف، وقدرته على النمو والتكيُّف مع المتغيِّرات العالمية، وذلك بدعم الدولة للكثير من الصناعات الوطنية، وعلى رأسها صناعة الدواء التى تُشكِّل أحد أهم أعمدة الجمهورية الجديدة، وتوافر العديد من الفرص الاستثمارية والتصديرية.
الدكتور محمد جلال، نائب الرئيس و المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط لصحة المستهلك لشركة «باير»، أحد أهم القيادات البارزة للشركة فى المنطقة، أكد هذا التوجُّه الإيجابى للشركة فى السوق المصرية، فى حوار خاص لـ«سوق الدواء»، موضحاً أن «باير» تُخطِّط لتنفيذ توسُّعات جديدة فى مصر، وتوطين العديد من مستحضراتها الرئيسة لتلبية احتياجات السوق المحلية والتصدير للدول المجاورة، فى إطار دعم «باير» لاستراتيجية مصر 2030 لتحقيق التنمية المستدامة، واستهداف تصنيع 80% من حجم مبيعاتها فى مصر محلياً.
وأشار في حوار خاص لـ«سوق الدواء»، إلى أن سوق الدواء المصرية تتمتَّع بمقوِّمات نمو قوية مع تحركات الدولة القوية فى مجال توطين الصناعات الدوائية على مستوى إتاحة الفرص للقطاع الخاص، وتوفير مناخ استثمارى وتشريعى مناسب لحركة الاستثمار فى هذه الصناعة الحيوية، منوهاً فى الوقت نفسه بضرورة التعامل مع التداعيات العالمية الحالية وتأثيرها السلبى على مصر بالكثير من الأفكار غير التقليدية، ووضع استراتيجية جديدة لملف التسعير ومرونته مع حركة سعر الصرف ومستويات التضخم.
وإلى نص الحوار:
فى البداية.. ما تقييمك لأداء السوق المصرية فى ظل ما يتعرَّض له العالم من أزمات اقتصادية أثَّرت بشكل مباشر على كل القطاعات الرئيسة، ومنها صناعة الدواء؟
يجب التأكيد على أن السوق المصرية واعدة جداً على المستويات كافة، رغم التحديات العالمية الحالية وتأثيرها على المؤشرات الاقتصادية للدولة ومقوماتها للنمو، لاعتبارات كثيرة تتعلق بأنَّ مصر تُعدُّ من أكبر الأسوق الفاعلة فى حركة الاستثمار بالمنطقة، ومركزاً رئيساً للعديد من العلامات التجارية القوية فى العديد من الصناعات الحيوية، كما تمتلك مصر مُعدَّلات نمو عالية نتيجة التعداد السكانى الكبير الذى يتميَّز بتنوُّع فئاته العمرية والاستهلاكية، ويعد هذا العنصر أحد أهم العناصر الحيوية فى معادلة الاستثمار وتحقيق الجدوى الاقتصادية المناسبة.
كما أن ما شهدته السوق المصرية خلال الفترة الأخيرة من مرونة فى سعر صرف الجنيه أمام الدولار يجعلها أكثر جذباً للاستثمار بشكل عام، وكذلك التمتُّع بسياسات نقدية ومالية قادرة على توفير التحوُّط اللازم للاقتصاد ضد الصدمات الخارجية، وهو ما سيدفع الشركات خلال الفترة المقبلة للاستفادة من هذا التوجه وزيادة حجم استثماراتها، كما أن الشركات المحلية أيضاً ستبدأ فى البحث عن إعادة حساباتها وفقاً لهذه الظروف، وتبنِّى سياسات استثمارية جديدة أكثر مرونة وأكثر قوة فى تعزيز مُعدَّلاتها الربحية والتشغيلية.
وما تعليقك على تحذير البعض من خروج بعض الاستثمارات نتيجة هذه الظروف؟
الجميع يعرف أننا نمرُّ بمرحلة صعبة، لكنها ليست مقصورة على السوق المصرية، بل يمكن القول إنها أزمة عالمية تضرُّ كل الاقتصادات الكبرى والناشئة، وليس هناك حلول أو نظريات اقتصادية جاهزة تصلح لمثل هذه الظروف، ومن ثمَّ أرى أن جميع المستثمرين فى مختلف الصناعات سوف يحرصون على اجتياز هذه المرحلة والاستمرار فى السوق المصرية؛ لما تتمتع به من فرص استثمارية متنوعة وحوافز حقيقية لجذب الاستثمار الأجنبى المباشر.
ولكن لا بُدَّ أن نعترف بأن قطاع الأدوية فى مصر له طابع خاص بحكم التسعير الجبرى، وهو ما يتطلب إجراءات مختلفة ومرونة أكثر تتناسب مع المعطيات التى فرضتها الأزمة العالمية وتأثيرها على مستويات التضخم وأسعار الفائدة، وذلك للحفاظ على الصناعة، وأتوقع اجتياز هذه المرحلة وتحقيق التوازن المطلوب خلال العام الجارى وبدء جَنْى الثمار.
ويجب ألا نُغْفِل أن مصر هى أكبر سوق فى الشرق الأوسط من حيث عدد الوحدات المبيعة للدواء، وثانى أكبر سوق من حيث القيمة بعد المملكة العربية السعودية، ورغم أن معدلات الربحية فى السوق المصرية منخفضة فإن بيع كميات كبيرة نظراً لحجم السوق يُعوِّض ذلك، ولذلك فهى أكبر سوق بها معدلات نمو، وأى شركة تبحث عن زيادة حجم مبيعاتها فى الشرق الأوسط لا يمكن أن تتنازل عن وجودها الفعال في السوق المصري.
وما المطلوب من الجهات القائمة على تنظيم السوق حتى لا تتعرض الشركات لصدمات أو خسائر أكبر؟
ما يحدث فى مصر فى الوقت الحالى شاهدناه فى أمريكا الجنوبية وتركيا، وحتى نتجاوز هذه المرحلة بسرعة يجب وضع استراتيجية واضحة للسوق فى اسرع توقيت، تجعل التسعير أكثر وضوحاً ومرونة، تماشياً مع تحرير سعر الصرف، ونحن فى «باير» نتفهَّم أن الدواء سلعة استراتيجية، والدولة تفكر كثيراً قبل أى تحريك فى أسعاره، لكن فى الوقت نفسه هو صناعة استراتيجية، ويجب العمل على استمراريتها، خاصة أن الشركات المحلية هى الأخرى تعانى بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام نتيجة ارتفاع سعر الدولار.
وماذا عن دور هيئة الدواء المصرية فى اجتياز هذه الظروف؟
هيئة الدواء تعمل جاهدة على توفير حلول، والدولة تضع روشتة للأولويات، ونتوقع استقرار السوق خلال المرحلة المقبلة وتحقيق معدلات نمو جيدة فى النصف الثانى من 2023، وبناء عليه سيكون هناك وضوح أكبر للشركات، وكما ذكرت وأؤكد دائماً: السوق المصرية لا تزال يراهن عليها الجميع، كما أن الوقت مناسب جداً لتوطين صناعة الدواء، خاصة فى حالة زيادة سعر الدواء المستورد؛ فالمحلى لا بد أن يَحِلَّ مَحلَّ هذه الأدوية، وهناك فرصة كبيرة لتحقيق معدلات نمو كبيرة لشركات الأدوية التى تُصنِّع فى مصر.
وكيف تنقلون هذه النظرة الإيجابية للسوق إلى الشركة الأم؟
ننقل الفرص المتاحة بمنتهى الشفافية فى مصر والشرق الأوسط للشركة الأم، ودائماً ما نؤكد أهمية السوق ومعدلات النمو المتوقعة؛ فنحن نرى أن السوق المصرية، وكذلك أسواق أمريكا اللاتينية و الأسواق الناشئة بها فرص كبيرة للنمو، والشركات التى تريد أن تتوسَّع ويزداد حجم مبيعاتها لا بد أن تتواجد فى هذه الدول ذات معدلات النمو المرتفعة، كما أن مصر هى البوابة لأفريقيا و الشرق الأوسط وننظر إليها وفقاً لذلك.
وزيادة عدد السكان فى مصر ميزة كبيرة لسوق الدواء، التى تختلف عن باقى القطاعات الاقتصادية؛ فنحن نبحث عن الأسواق ذات الكثافة السكانية المرتفعة، كما أن الشركات لديها خطط طويلة الأجل، وهو ما يتماشى بشكل كبير مع طبيعة السوق المصرية على المستويات كافة.
وماذا عن ملف توطين صناعة الدواء فى مصر؟
تعمل شركة «باير» على توفير الدواء الآمن والفعَّال للمواطن المصرى باعتباره الرسالة الأسمى للشركة فى مصر والعالم، كما نحرص على دعم توطين صناعة الدواء فى مصر، ونستهدف تصنيع من 75 إلى 80% من حجم مبيعاتنا فى مصر محلياً؛ لتحقيق هدفنا الأساسى وهو توفير احتياجات السوق المحلية من الأدوية الآمنة والفعَّالة، وتوفير العملة الصعبة عن طريق تقليل الإستيراد و فتح أسواق مجاورة لتصدير المنتج المصنع داخل مصر.
وبالفعل سوف نبدأ تصنيع الأسبرين فى مصر لأول مرة فى الشرق الأوسط و إفريقيا بداية عام 2024، وتم اختيار الأسبرين باعتباره من أكثر الأدوية مبيعاً من حيث عدد الوحدات؛ حيث يصل حجم مبيعاتنا فى مصر من الأسبرين لأكثر من 300 مليون قرص سنوياً تمثل 50% من احتياجات السوق، كما أن لدينا خطط لتصدير الأسبرين من مصر بعد توفير احتياجات السوق المحلية.
كما نستهدف تصنيع العديد من منتجاتنا فى مصر، وخاصة المستحضرات الجلدية ذات الطبيعة الطبية، التى تُمثِّل جزءاً كبيراً من مبيعاتنا، ونستهدف تصنيعها فى مصر مع بداية 2025 و نتبعها بتصنيع منتجات المسجلة كغذاء و الفيتامينات.
ومصر تُعدُّ النقطة المركزية التى تحدد اتجاهات الشركة فى الشرق الأوسط، ولا أستبعد إنشاء مصنع فى مصر مستقبلاً، لكن عالمياً أصبح التصنيع مكلفاً ومرهقاً، ومن ثمَّ تتجه شركات الأدوية العالمية إلى البحث والابتكار والتسويق، وتُفضِّل التصنيع لدى الغير؛ حتى لا تزيد الأعباء على كاهل الشركات.
وكم تمثل مصر بالنسبة لـ«باير» فى الشرق الأوسط؟
– مصر تمثل 50% من حجم وحدات سوق الدواء فى الشرق الأوسط، ونعمل وفقاً لاستراتيجية مُحدَّدة على توفير احتياجاتها بالتعاون مع هيئتى الدواء المصرية والشراء الموحد ووزارة الصحة.
وما حجم مبيعات الشركة فى مصر خلال عام 2022 ومستهدفاتكم البيعية فى الشرق الأوسط؟
– حققنا مبيعات بقيمة 25 مليون يورو من أدوية صحة المستهلك فى مصر ، وإجمالى البيع قد يصل لنحو 65 مليون يورو بعد الكشف عن الأرقام الرسمية، بما يجعلنا فى المركز الثالث بين قائمة الشركات الأكثر مبيعاً فى مصر فى أدوية صحة المستهلك، فى حين نحتل المركز الثانى فى الشرق الأوسط، وهو ما يُوضِّح وجود منافسة كبيرة فى هذا المجال فى مصر، ونحن فخورون بذلك، ونستهدف الوصول بمبيعات أدويتنا بقطاع صحة المستهلك فى الشرق الأوسط إلى 200 مليون دولار خلال عام 2023.
وما خطتكم الاستثمارية خلال الفترة المقبلة فى السوق المصرية؟
كما ذكرت مصر هى المركز الرئيسى لكل أسواق الشرق الأوسط، والسوق تمتلك فرص نمو واعدة للغاية، ونحن بدورنا نستهدف ضخ 240 مليون جنيه استثمارات جديدة لطرح 5 منتجات جديدة فى السوق المحلية خلال ثلاث سنوات، إضافة إلى المنتجات المُصنَّعة محلياً فى الوقت الحالى، بجانب تصنيع الأسبرين محلياً كما ذكرت، وكذلك مستحضر «فلارينيز» لحساسية الأنف ومنع الرشح، وهو من أكثر المنتجات مبيعاً فى الشرق الأوسط، وسيتم تصنيعه فى مصر على نهاية عام 2023.
والأسبرين والكلارينيز يمثلان من 25 إلى 30% من حجم مبيعاتنا فى الشرق الأوسط من حيث عدد الوحدات، ولذلك تم اتخاذ القرار بتصنيعهما فى مصر باعتبارهما الأكثر مبيعاً، وذلك ضمن استراتيجية الشركة الهادفة لدعم خطة الإصلاح الاقتصادى للحكومة المصرية، من خلال تقديم إسهامات قيِّمة فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة لرؤية مصر 2030.
البحث والتطوير أحد أهم الركائز فى صناعة الدواء فى العالم.. كيف تتعامل «باير» مع هذا الملف المهم؟
كما ذكرت فالبحث والتطوير هما الركيزة الأساسية التى ترتكز عليها صناعة الأدوية فى العالم، و«باير» ترصد أكثر من 5 مليارات يورو، لعمليات البحث والتطوير فى الأدوية والزراعة أيضاً و هذا يمثل أكثر من 12% من حجم مبيعات الشركة السنوية، و هى من أكبر الشركات فى العالم إنفاقا على الأبحاث و التطوير.
وكم عدد العاملين فى «باير الشرق الأوسط ومصر»؟
لدينا 600 موظف فى «باير» بالشرق الأوسط، هم استثمارنا الحقيقى ورأسمالنا الأغلى؛ لذا نعمل دائماً على تطويرهم وتدريبهم لرفع كفاءتهم، كما نسعى دائماً لتصدير الكوادر والكفاءات لـ«باير» فى دول العالم، وهى من أنجح التجارب التى تدعونا للفخر عندما نرى بعض قيادات الشركة فى مختلف دول العالم تم ترقيتهم من الشرق الأوسط .
وكيف تنظر «باير» لملف المسئولية المجتمعية؟
نحن فى «باير» نؤمن بأن أهم مسئولياتنا الرئيسة هى التخفيف على المرضى، وجزء كبير منها يكون من خلال حملات التوعية لتخفيف العبء على الحكومات، من خلال تحوُّل المريض لشخص منتج، كما نسعى دائماً لدعم ذلك، وعندنا خبرات واسعة فى دول العالم للوصول للتنمية المستدامة، و«باير» العالمية لديها مبادرة بعنوان «100 مليون يورو لـ100 مليون مواطن»، وقريباً سوف يتم الإعلان عن مبادرة للتوعية بأمراض القلب فى مصر بإجمالى استثمار أكثر من 50 مليون جنيه.