د. محمد البحر يكتب.. «الصف الثاني» قيادات تصنع المستقبل
يتجلّى الدّور المتعاظم الذي أصبحت تقوم به المؤسسات الوقت الحالي، في قيادة عملية التنمية الشاملة، وبات من المحتّم عليها بوصفها الأداة الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة بالمجتمع أن تعمل على تنمية الموارد المتاحة خاصة البشريّة منها.
حيث يمثل العنصر البشري الفيصل بين التقدمّ والتخلف، وهو مقياس النجاح أو الفشل لأنّه المحورالرئيسـى في العملية الإنتاجية وهو أيضا الذي يحوّل العناصر الأخرى إلى قوة منتجة هائلة، وذلك لأنّ المشكلة الأكبرالتي تواجه المؤسسات ليست توظيف ما تحتاج إليه من قـوى عاملة بقدرما تحتاج إلى تنمية وتطوير وحسن استغلال إمكانيات وقدرات القوى العاملة الحالية، لتتمكن من النّهوض بأعبائها الوظيفية وبالواجبات الموكّلة إليها.
لذلك فإن من أهم المشكلات التى قد تواجـه المؤسسات هى إعداد قيادات بديلة لتكون متوفرة عند ظهور الحاجة إليها، وهو الأمرالذى غالبا ما يتسبب فى ضعف الأداء والتعثر في تحقيق الخطط المستقبلية المستهدفة .
والسؤال الآن :
ماذا سيحدث لو خسرت المؤسســة أى من الكفاءات أوالمناصب القيادية لأي سبب كان كالتقاعد، المرض، الترقى لمنصب آخر أولغيرها من الأسباب الطارئــة؟
بالطبع ستتأثر الخطط والبرامج والرؤى الاستراتيجية،
ولتحقيق النجاح والازدهار لأي مؤسسة يجب التخلص من هاجس المفاجئات غير المرغوبة والتي تؤدى بها إلى الاهتزاز بل وربما إلى الانكماش.
ويتحقق ذلك فقط عند وجود نظام لتعاقب الأجيال يضمن استمرارية أداء المؤسسـة على النحـو الأمثل .
وهذا لن يكون أمرًا سهل التحقيق إلا إذا كان هناك برنامج مفصل يغطى كل المحاور المختصة بهذا البناء الحيوي للمؤسسات حيث :
- يجب الحرص على وجود خطة للقوى العاملة يتحدد فيها آلية الإحلال والتعاقب
- يجب على الإدارات العليا أن تدرك دور القيادة وتأثيرها على واقع ومستقبل المؤسسات
- لا بد أن يكون الاهتمام فائقا بإعداد القيادات البديلة، بحيث يتحقق النمو والتطور وتصبح المؤسســة أكثرقدرة على إعداد جيل من القادة في الصف الثاني وهو الأمرالذى بات لا بديل عنه لمواجهة التغييرات المختلفـة .
حيث تعتمد القيادة الناجحـة على كسب ثقة المرؤوسين واحترامهم ورفع معنوياتهم لضمان إلتفافهم حول القائد وتطبيق خطط الإدارة وتحقيق الأهداف المطلوبة، وبما أن القائد الحقيقي يحتاج إلى قوة العقل فإن إعداده مسألة شاقة.
فالقيادة الفعلية هي التي تسعى إلى دعم وتطوير الأفراد من حيث المشاركة في صناعة القرار، ومنح التفويض المناسب للموظف المناسب في الوقت المناسب، ومن هنا فإن الاهتمام المستمر بتدريب قيادات الصّف الثاني في المؤسسات يُعد مِن أهمّ متطلبات القيادة الفعالة.
والقائد الحقيقي هو القادر على إكتشاف و تطوير وتأهيل قادة جدد، وذلك وفقاً لنتائج التجارب الناجحة للمؤسسات الرائدة. كذلك أيضا أهمية دور المؤسسة في خلق مناخ عمل يساهم في إكتشاف القدرات والإمكانات الكامنة للمرؤوسين وتطويرها وإستخدامها بما يحقق التطور والنجاح المستدام للمؤسسة والمرؤوسين على حدٍ سواء.
ويمكن حصرالأدوات الأربع الرئيسية لصناعة صف ثانى من القادة فى : التدريب على رأس العمل والتحفيز والتفويض و التمكين
ولصناعـة الصف الثانى من القادة المتميزين يجب أن يتسـم المديرالناجح ببعض الخصائص التى تؤهله لإكتشاف وتطوير الكفاءات من المرؤوسين كما يلى :
- التعرف على المفاهيم الأساسية للإدارة والقيادة وطرق وأساليب صناعة القادة
- إتقان إستخدام الأدوات والأساليب الإدارية والقيادية التي تمكن المديرمن إكتشاف وتطوير وإستغلال طاقات المرؤوسين
- القدرة على إستخدام أفضل الأساليب والمنهجيات العلمية و العملية الحديثة لخلق بيئة عمل محفّزة
- تعزيز مهارات القيادة لتحفيز المرؤوسين بما يؤدى إلى تحقيق الأهداف التنظيمية للمؤسسة
- القدرة على إعداد خطة عمل مهنية تؤهل لإكتشاف و تطويرو إستغلال طاقة المرؤوسين وبالتالي صناعة صف ثاني من القادة
وينعكس تدريب وإكتشاف وتأهيل الكفاءات ، وصناعة صف ثانى من القادة المؤهلين على المؤسسة بالعديد من المزايا على النحو التالى:
- الإستفادة من القدرات الكامنة لدى كافة العاملين بإختلاف مستوياتهم الإدارية
- رفع الروح المعنوية للعاملين بسبب شعورهم بمجهود المؤسسة في إكتشاف قدراتهم وتطوير مسارهم المهني
- وجود صف ثاني مؤهل و مستعد لشغل أي من المناصب القيادية التي يمكن أن يتم شغرها في المستقبل
- ضمان تبادل المعارف و المهارات و الخبرات بين كافة العاملين بالمؤسسة
- ضمان وجود بيئة عمل محفّزة ومنتجة يتم فيها الإستفادة من تنوع الخبرات و المهارات
وجدير بالذكر أيضا أن لصناعة صف ثانى من القادة المؤهلين تأثير عظيـم على العاملين على إختلاف مستوياتهم الإدارية حيث أن :
- يقلل تحفيز وتفويض المرؤوسين بشكل إيجابي من ضغوط العمل لدى الرؤساء وبذلك يضمن تركيز طاقاتهم في قضايا مهمة مثل التطوير و التخطيط الإستراتيجي
- زيادة روح التعاون و التفاهم بين الرؤساء والمرؤوسين بسبب المنفعة المتبادلة بينهم عند تطبيق أسلوب التفويض و التمكين و التحفيز و التدريب على رأس العمل
- تنميــة القدرة على إستخدام الأدوات الإدارية و القيادية التي تمكن المديرين من ممارسة أعلى أنواع التأثير القيادي وهو القيادة بالتأثير في الحياة المهنية للمرؤوسين
- تعزيزالقدرة على تصميم خطة عمل شخصية و مهنية قابلة للتطبيق من أجل إعداد وتأهيل الصف الثاني .
الدكتور محمد البحر
مدير ادارة التدريب بشركة سيجما للصناعات الدوائية