د. ليلى إبراهيم شلبي تكتب..شركات صناعة الدواء والمرض
حق الإنسان فى العلاج هو بلا شك ركيزة للحق فى الصحة والحياة، دائما ما كان يستوقفنى ذلك الدور المحير لشركات الأدوية خاصة العملاقة منها فى التحكم فى حياة البشر بالتحكم فى علاجهم بصورة كثيرة مباشرة كانت أو غير مباشرة.
أقرب الأمثلة لذهنى تجربة علاج فيروس «سى» وكيف بدأت بالأدوية الحلم باهظة الثمن لتنتهى إلى صيغة وصل فيها العلاج متمثلا فى أدوية كثيرة كلها تعالج فيروس سى بمبالغ زهيدة تولتها الدولة والحمد لله.
أما الحديث فى مجال الأدوية فتلك التى توصف بالعلاجات الجينية والتى تصل أسعارها لأرقام فلكية لا قبل لأحد بها ولا حتى حكومات دول غنية منها علاج مرض ضمور العضلات والذى معه يفقد الكثيرون الأمل فى النجاة.
قد تكون تلك أمراض نادرة لكن هناك أيضا الأمراض واسعة الانتشار والتى بلا شك تجنى من ورائها تلك الشركات أرباحا خيالية كمرض السكر الذى يعد مثلا. دائما ما اعتقدت أن وراء هذا الاهتمام المبالغ فيه بالمرض والاحتفاء بتداعياته إنما وراءه هدف تسعى إليه شركات الأدوية تروج له بكل وسائل الإعلان والإعلام. أنواع من الأدوية المختلفة وألوان من الجلوكوميتر (لقياس السكر فى المنزل) والعديد من أصناف الطعام لمرضى السكر لم يبقَ إلا موديلات خاصة للأزياء فقط لمرضى السكر بينما السكرى مرض يمكن التعامل معه وربما الخلاص منه بانتقاء ألوان الطعام والغذاء الصحى السليم مع ممارسة الجهد البدنى بانتظام. فقط يحتاج المريض طبيبا حكيما يملك من الوقت والجهد ما يمكنه من تأهيل المريض لفهم حقيقة المرض وكيفية التعامل معه ومعايشته دون جهد يذكر مع الوقت.
وأظن أننى على صواب فيما اعتقدت دائما بشأن مرض السكر: يجب أن يتم تشخيصه مبكرا حتى يتفادى الإنسان تداعياته التى تطال كل أجهزة الجسم أو على الأقل تأجيلها فى حالة تشخيصه متأخرا.
العناية الدائمة بما يأكل الإنسان وضرورة تنوع مصادر الغذاء والاعتماد على الخضراوات الطازجة والمطهوة وأنواع الحبوب المختلفة واللحوم والدجاج والأسماك وتفادى الدهون الضارة خاصة أنواع السمن الصناعى واختيار الكربوهيدرات وضرورة منتجات الألبان تعد اختبارات صحية للسليم والمريض معا.
إذا كان السكر من النوع الثانى هو الأكثر انتشارا فإن النوع الأول منه هو الأكثر خطورة إذ يعانى منه الإنسان فى طفولته نتيجة تدمير الأجسام المناعية لخلايا البنكرياس والتى تفرز هورمون الإنسولين المسئول عن تنظيم وجود السكر ما بين الدم والخلايا. وحتى اليوم كانت الوقاية منه غير ممكنة. لكن كلية طب جامعة هارفارد قد أعلنت هذا الأسبوع عن نجاحها فى الإمساك بطرف الخيط الذى قد يؤدى إلى علاج السكر من النوع الأول والذى استعصى دائما على الوقاية منه.
الدواء الجديد (Teplizumab) تبليزومات هو عقار مثبط للمناعة يعطى ولمدة أربعة عشر يوما بعد تشخيص المرض فى الأطفال وقد تأخر المرض لديهم عامين عن الموعد الذى كان يجب أن تكتمل فيه الصورة النهائية للمرض. تجربة هذا الدواء بدأت منذ أربع سنوات وتعلن نتائحها الأولية الآن مبشرة بانتهاء حكم السكر وتحكم شركات الأدوية التى تخصصت فى صناعة المرض والدواء فى آن واحد.