كشف تحليل علمي حديث حول اتجاهات قياس درجة حرارة الإنسان إلى انخفاض متوسط درجات الحرارة منذ القرن التاسع عشر بسبب التغيرات الفسيولوجية. ويسلط واضعو الدراسة الضوء أيضا على الأسباب المحتملة لهذه التغيرات، بحسب ما نشره موقع Medical News Today.
ويقيس الكثيرون درجات الحرارة فقط عند الشعور بالقلق من وجود حمى، نتيجة للعدوى أو البرد، على سبيل المثال، لكن يمكن أن تشير درجة حرارة الجسم إلى العديد من العوامل الأخرى وتتأثر بها. ويمكن لعادات نمط الحياة، والعمر، ودرجة الحرارة المحيطة أن تؤثر جميعًا على كيفية انتشار الحرارة في الجسم.
كما تعد درجة حرارة الجسم مؤشرا على صحة التمثيل الغذائي، وعلى وجه التحديد، بحسب ما أعلنه الفريق البحثي، فإن درجة حرارة جسم الإنسان تشير إلى معدل الأيض، الذي يرتبط جزء منه بطول العمر وحجم الجسم.
أدوات القياس
في عام 1851، قام طبيب ألماني يدعى كارل رينهولد أوغست وندليتش بمسح 25000 شخص في مدينة واحدة ووجد أن 37 درجة مئوية هي درجة الحرارة القياسية لجسم الإنسان، فيما تشير التحليلات وعمليات المسح الحديثة إلى أن متوسط درجة حرارة الجسم أصبح أقل حاليا.
ووجدت دراسة أجريت على أكثر من 35,000 شخص في المملكة المتحدة، وقرابة 250,000 قياس لدرجات الحرارة أن 36.6 درجة مئوية هي متوسط درجة الحرارة عن طريق الفم. كما تطرق الباحثون إلى احتمالية أن يكون الفارق بين درجات الحرارة في الماضي عن الحاضر بسبب التغيرات في مدى دقة أدوات القياس أو أنها بسبب ارتفاع متوسط العمر المتوقع وتحسن الصحة العامة.
وقامت الباحثة ميروسلافا بروتسى، التي كانت تعمل آنذاك في قسم الأمراض المعدية والطب الجغرافي بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا، وزملاؤها، بدراسة بحثية في هذا الأمر.
وافترض الفريق البحثي أن “الاختلافات التي لوحظت في درجة الحرارة بين القرن التاسع عشر والوقت الحاضر حقيقية وأن التغيير مع مرور الوقت يوفر أدلة فسيولوجية مهمة للتغييرات في صحة الإنسان وطول العمر منذ الثورة الصناعية “.
تاريخ درجة حرارة الجسم
ولاختبار فرضيتهم، قام الباحثون بتحليل بيانات ومعلومات تم تحصيلها من 3 مجموعات، هي بيانات من 1862-1930، التي تم الحصول عليها من قدامى المحاربين في جيش الاتحاد من الحرب الأهلية. فيما تم الحصول على بيانات المجموعة الثانية من الدراسة الاستقصائية الوطنية الأولى للصحة والتغذية في الولايات المتحدة، التي أجريت في الفترة من 1971 إلى 1975.
أما بيانات المجموعة الثالثة فجاءت من قاعدة البيانات المتكاملة لبحوث قاعدة بيانات ستانفورد، والتي تحتوي على بيانات من الأشخاص، الذين تلقوا الرعاية الصحية من خلال ستانفورد بين عامي 2007 و2017. وتمكن فريق الباحثين، بشكل عام، من الوصول إلى 677423 قياسا لدرجة الحرارة، والتي تم دمجها، لتشكل نموذجًا للتغيير مع مرور الوقت.
المتوسطات الجديدة
وكشفت نتائج الدراسة عن أن درجة حرارة الجسم الطبيعية الجديدة أكثر برودة من الشائع قديما، كما يلي:
- درجة حرارة الجسم للرجال اليوم، في المتوسط، 0.59 درجة مئوية أقل من درجة حرارة الرجال المولودين في أوائل القرن التاسع عشر.
- وبالمثل، انخفضت درجة حرارة جسم المرأة بنسبة 0.32 درجة مئوية من عام 1890 حتى اليوم.
وبشكل عام، وجد البحث التحليلي انخفاضاً قدره 0.03 درجة مئوية في متوسط درجة الحرارة مع كل عقد.
للتحقق مما إذا كانت درجات النقص ناجمةً عن التقدم في تقنية مقياس الحرارة، نظرت بروتسي، وفريقها البحثي، في التغييرات داخل مجموعات البيانات، على افتراض أن الأطباء في كل فترة تاريخية كانوا يستخدمون عمومًا نفس أنواع موازين الحرارة.
وعكست نتائج التحليل داخل مجموعات البيانات التغييرات في البيانات المجمعة. وتقول دكتور جولي بارسونيت، أستاذة الطب والبحوث الصحية والسياسة والباحثة الرئيسية للدراسة: إن “درجة الحرارة لجسم الإنسان ليست كما يعتقد الكثيرون”. ولكن نظرًا لأن الجنس والوقت من اليوم والعمر يمكن أن يغير كل درجة حرارة جسم الإنسان، لا ينصح الباحثون بتحديث المعيار لجميع البالغين.
سبب انخفاض درجة الحرارة
وتقول بارسونيت: “من الناحية الفسيولوجية، نحن مختلفون تمامًا عما كنا عليه في الماضي. لقد تغيرت البيئة التي نعيش فيها، بما في ذلك درجة الحرارة في منازلنا، واتصالنا بالكائنات الحية الدقيقة، والطعام الذي نحصل عليه” وتتابع “تعني كل هذه الأشياء أنه، على الرغم من أننا نفكر في البشر وكأننا أحادي الشكل وكأننا متماثلون في كل تطور الإنسان، فإننا لسنا متماثلين. نحن في الواقع نتغير من الناحية الفسيولوجية”.
متوسط معدلات الأيض
علاوة على ذلك، تعتقد دكتور بارسونيت أن متوسط معدل الأيض، والذي يشير إلى مقدار الطاقة التي يستخدمها جسم الإنسان، انخفض مع مرور الوقت، بشكل يمكن أن ينجم عنه انخفاض الالتهابات. وتقول: “ينتج الالتهاب كل أنواع البروتينات السيتوكينات، التي تزيد من معدل الأيض وترفع درجة حرارة الجسم”.
وتوضح نتائج الدراسة أيضا أن أجهزة تكييف الهواء والتدفئة أدت إلى توفير درجة حرارة محيطة أكثر اتساقاً، مما يجعل من غير الضروري استهلاك الطاقة للحفاظ على نفس درجة حرارة الجسم.