تقرير: «جونسون آند جونسون» في محكمة الإفلاس رغم امتلاكها 25 مليار دولار سيولة نقدية
كشف نقرير لوكالة بلومبرج الأمريكية ، أن قرار شركة “جونسون آند جونسون” باللجوء لحماية محكمة الإفلاس الفيدرالية في مدينة شارلوت بولاية نورث كارولينا، أمرا مستغربا،خاصة وأن الشركة من أغنى وأنجح الشركات حول العالم.بإجمالي قيمة سوقية لأسهمها تقارب 430 مليار دولار.
وأشار التقرير إلى أن شركة “جونسون آند جونسون” تمتلك نحو 25 مليار دولار من السيولة النقدية، وهي واحدة من شركتين فقط تتمتعان بتصنيف ائتماني مثالي من قبل كل من وكالتي “ستاندرد آند بورز” و”موديز” للتصنيفات الائتمانية،
ولفت التقرير إلى أن شركة “جونسون آند جونسون” نفسها لم تفلس، بل إنها، عوضاً عن ذلك، قامت بتبديل أسهم خاصة بمساهمين فيها بأسهم في شركة جديدة تابعة لها، والمصممة بالأساس لتشهر إفلاسها جراء دفع الالتزامات المالية القانونية.
وقد جاء ذلك في إطار مناورة للتعامل مع حوالي 38 ألف دعوى قضائية، رُفعت غالبيتها من قبل سيدات يزعمن أن أحد أقدم منتجات الشركة، عبارة عن بودرة للأطفال، يسبب سرطان المبيض.
وقامت شركة “جونسون آند جونسون”، بالفعل، بدفع 2.5 مليار دولار لنحو 20 امرأة في وقت سابق من هذا العام، ومن ثم، قامت بتأسيس الشركة الفرعية الجديدة، “إل تي إل مانجمنت” ، لإدارة الالتزامات القانونية لبودرة الأطفال تلك، وتحمل مسؤولية الفصل في الدعاوى القضائية المتعلقة بها.
وغير أن الشركة الجديدة تقدمت بدعوى لإشهار إفلاسها تقريباً فور تأسيسها، استناداً إلى “الفصل الحادي عشر” من قانون الإفلاس، والذي يسمح بإعادة التنظيم بموجب قوانين الإفلاس في الولايات المتحدة.
لكن التغيير التنظيمي للشركة، لن يفضي إلى تبرئة “جونسون آند جونسون” بشكل كامل. فقد وعدت الشركة بإيداع مبلغ ملياري دولار على الأقل في “إل تي إل”، أي حوالي نصف ما عرضته سابقاً لتسوية كل القضايا تقريباً.
ومع ذلك، قد تعزّز هذه الخطوة مركز الشركة الأمريكية العملاقة في مفاوضاتها مع المدعين، حيث تستطيع “إل تي إل”، بموجب قوانين الإفلاس، إيقاف كل الدعاوى القضائية التي تواجهها مؤقتاً.
وأيضاً، يمكن أن يسمح القانون ذاته لشركة “إل تي إل” بتأسيس صندوق ائتماني لسداد كل المطالبات القانونية للتعويض عن الضرر، بما في ذلك أي مطالبات قد تنشأ في المستقبل.
وتصدت شركة “جونسون آند جونسون” في وقت سابق من هذا العام، لكل الدعاوى القضائية في المحكمة، بحجة أن العلم أظهر عدم وجود علاقة بين بودرة الأطفال وسرطان المبيض.
وقد شهد محامي الشركة، جون كيم، بأن الشركة غيرت نهجها في الوقت الحالي، وتحاول التعامل مع الدعاوى القضائية في مكان واحد، بدلاً من إنفاق الملايين كل شهر على مجابهة تلك الدعاوى في المحاكم في كل أنحاء البلاد وعلى مدى عقود.
أخبر كيم قاضي محكمة الإفلاس الأمريكية، كريغ وايتلي، بأن ظهور بعض الأمراض التي تسببها المواد الضارة المزعومة في بودرة الأطفال، غالباً ما يستغرق سنوات عديدة.
وقال المحامي: “إذا استمر التقاضي على مدى الستين عاماً المقبلة، وواصل الضحايا الفوز بتعويضات ضخمة، لن يمكن لأي شركة أن تنجو من ذلك”.
من جانبهم، يقول محامو ضحايا بودرة الأطفال المزعومين، إن شركة “جونسون آند جونسون” تحاول استغلال قانون الإفلاس لمنع عملائها من الانتصار في معركة القضاء ودفع تعويضات أقل في نهاية المطاف.
وأضافوا أنه إذا كانت الشركة بحاجة إلى الحماية من الإفلاس بموجب الفصل الحادي عشر بالفعل، فيجب عليها التقدم بدعوى إشهار إفلاس عن “جونسون آن جونسون” برمتها وليس “إل تي إل” فقط.
ويشكل محور إستراتيجية “جونسون آند جونسون” لتقسيم الشركة ما يعرف بالاندماج التقسيمي وهو على عكس الدمج التقليدي، حيث يتم دمج كيانين أو أكثر ليصبحا كياناً واحداً، فإن الدمج التقسيمي يتضمن كياناً واحداً ينقسم إلى كيانات متعددة.
وقد طرح الأعضاء الديمقراطيون في الكونجرس مشروع قانون يحظر هذا التكتيك، قائلين إنه يسمح للشركات الغنية باستغلال القوانين الموضوعة منذ عقود لمساعدة الشركات على تعويض ضحايا التسمم بالأسبستوس.
وتضمنت الخطوة الأولى من حركة “جونسون آند جونسون” القانونية، تعديل الهيكل التنظيمي للشركة، وتأسيس سلسلة من الشركات الجديدة في تكساس، والتي تم تحويلها بعد ذلك إلى شركتين تابعتين مملوكتين لـ”جونسون آند جونسون”.
ثم ورثت إحداهما شركة “جونسون آند جونسون” للمنتجات الاستهلاكية، والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، بينما ورثت الأخرى الدعاوى القضائية التي تتعلق ببودرة الأطفال.
أما الخطوة الثانية فقد تمت بعد حوالي 72 ساعة، عندما تحوّلت الشركة التابعة الفقيرة، “إل تي إل”، من شركة في تكساس إلى شركة في ولاية نورث كارولينا، حيث كان أحد القضاة قد سمح بتنفيذ تلك الإستراتيجية سابقاً، وتقدمت الشركة بدعوى لإشهار إفلاسها.
واعتمدت الشركات الصناعية لعقود على قوانين الإفلاس لحسم دعاوى الأسبستوس، والذي كان يستخدم، في وقت من الأوقات، في كل شيء من العزل إلى دواسات فرامل السيارات.