ترتكز خطط الحكومة المصرية على زيادة مواردها من النقد الأجنبى والتدفقات الخارجية عبر محاور عديدة أبرزها دعم ورفع مساهمة عدد من القطاعات الحيوية فى الناتج المحلى الإجمالى عبر تذليل كافة التحديات.
وأكد مسئولو ومحللو القطاع أن قطاع الرعاية الصحية والأدوية من أكثر القطاعات المستفيدة من برنامج الإصلاح الجارى تنفيذه، والأكثر قدرة على دعم مؤشرات التنمية المستهدفة بالمنظومة الاقتصادية، بدعم من قدرتها على التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية وخطة تحريك الاسعار المتوقعة خلال النصف الثانى من العام المقبل، بالإضافة إلى تنامى صفقات الاستحواذات والطروحات الجديدة بالقطاع وأخيرًا قانون التأمين الصحى الجديد والذى يستهدف توسيع قاعدة العملاء المستفيدة.
وسجلت إجمالى مبيعات القطاع خلال النصف الأول من 2017 نحو 23.2 مليار جنيه بزيادة 26.8% عن مبيعات الفترة المناظرة من العام الماضى، بينما سجلت فى إجمالى عام 2016، نحو 41.6 مليار جنيه بنمو 31% عن مبيعات 2015.
توقع محللو بنوك الاستثمار أن يشهد القطاع حركة انتعاش قوية وتحقيق معدلات نمو تصل إلى 25% خلال 2018، بدعم من تنامى عروض الاستحواذات المقدمة والطروحات الجديدة بالبورصة.
وبالنظر إلى أداء مؤشر القطاع بالبورصة المصرية، فقد سجل إرتفاعا نسبته 45.5% خلال الفترة من (يناير:نوفمبر) من العام الجارى، ليصل إلى مستوى 4420 نقطة مقابل 3038 نقطة.
القطاع:
قال على عادل، محلل القطاع الاستهلاكى ببنك استثمار» بلتون»، إن قطاع الأدوية من أكثر القطاعات التى تمتلك مقومات داعمة نحو تحقيق مزيد من معدلات النمو خلال الفترة المقبلة، أبرزها الارتفاع الذى شهدته الأسعار خلال العام الجارى، والتى ساعدت بدورها فى دعم الشركات لمواجهة تكاليف الإنتاج ودعم قدرتها على التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية وتحقيق أرباح.
أضاف أن بدء العمل بقانون التأمين الجديد يُعد من أبرز العوامل الداعمة لنمو القطاع، خاصة وأن إقرار القانون سيزيد من الانفاق على المنتجات والخدمات الصحية، من خلال توسيع قاعدة المتعاملين، وبالتبعية نشاط قطاع الرعاية الصحية والأدوية، فضلًا عن زيادة حجم المبيعات وعودتها لمستوياتها السابقة قبل قرار تحرير سعر الصرف.
وتوقع أن يشهد النصف الثانى من 2018 تحريك للأسعار مرة أخرى، الأمر الذى يدعم قدرة شركات القطاع على التعافى وتحقيق معدلات نمو مرتفعة.
وأشار محلل «بلتون» إلى أن الإتجاه المتوقع نحو تخفيض أسعار الفائدة، خاصة عقب تراجع معدل التضخم لأدنى مستوى له منذ 11 شهرًا، سينعكس بصورة إيجابية على نشاط الاستثمار المباشر وغير المباشر بالقطاعات المختلفة لاسيما القطاع الصحى.
ويبلغ حجم استثمارات صناعة الدواء فى مصر نحو 120 مليار جنيه من خلال 123 مصنعًا، ويستحوذ الاستثمار الأجنبى على 40% من استثمارات القطاع وعلى 65% من قيمة سوق الدواء فى مصر، وتسهم الشركات العالمية العاملة فى مصر بنحو 65% من إجمالى قيمة سوق الدواء فى مصر، وذلك من خلال الإنتاج المباشر فى مصانعها بمصر بنسبة 30% أو من خلال عقود تصنيع مع شركات قطاع الأعمال والقطاع الاستثمارى والخاص بنسبة 35%.
فيما تصل صادرات مصر من الدواء إلى 1.9 مليار جنيه بينما تستورد 12.7 مليار جنيه حيث تغطى الصناعة 93% من الاستهلاك المحلى ولديها فائض فى الإنتاج يتراوح من 10 إلى 50% فى بعض المصانع مع عدم استغلال بعض طاقات الأقسام كاملة فى عدد من المصانع وذلك رغم معدلات النمو العالية فى استهلاك الدواء داخليًا.
نشاط الطروحات
أشارت أمنية الحمامى محلل القطاع الاستهلاكى ببنك استثمار»برايم»، إلى أن أسهم شركات القطاع نجحت فى تسجيل نشاط قوى ومستويات تاريخية بالبورصة خلال تعاملات الأسبوع الماضى، بالتزامن مع بدء التداول على سهم ابن سينا فارما، مؤكده أن التغطية الكبيرة التى شهدها الاكتتاب ساهمت فى زيادة معدل اهتمامات المؤسسات والمستثمرين الأجانب لهذا القطاع ودراسة الفرص المتنامية به.
أضافت أن طرح شركة ابن سينا فارما سيسهم فى دعم نشاط قطاع الرعاية الصحية بالبورصة، واستحواذه على حصة أكبر من حجم وقيم التعاملات اليومية، خاصة فى ظل التوقعات الرامية لنشاط هذا القطاع بدعم عدة مقاومات، يتصدرها تفعيل قانون التأمين والمتوقع إقراره مطلع العام المقبل، والمستهدف من خلاله ضخ استثمارات ضخمة بالقطاع الصحى، موضحةً أن تلك الخطوة ستعيد توزيع الدعم على مستحقيه من ناحية، بالإضافة إلى تنامى الفرص الاستثمارية ونشاط القطاع الصحى من ناحية أخرى.
وتطرقت إلى سهم ابن سينا، والذى تم تحديد قيمته العادلة وفقًا لبرايم عند 7.10 جنيه، بمعدل نمو متوقع 22% مقارنة بسعره النهائى عند 5.8 جنيه، وذلك بدعم من فرص النمو التى تتمتع بها الشركة وقلة المخاطر التى تواجهها خاصة وأن استثماراتها تعتمد على توزيع الأدوية وليس تصنيعها مما يحميها من أعباء رفع تكلفة الإنتاج وارتفاع أسعار استيراد المواد الخام.
ويُعد طرح شركة «ابن سينا فارما» من أكبر الطروحات التى شهدتها البورصة العام الجارى بقيمة إجمالية 1.6 مليار جنيه، والتى جمعت نحو 23.6 مليار جنيه خلال شريحتى الطرح العام والخاص.
معدلات النمو المتوقعة
وأكدت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث ببنك استثمار «فاروس»، على أن القطاعات الاستهلاكية الممثلة فى الأدوية والأغذية والتعليم تتصدر ترتيب القطاعات الأكثر جذبًا للاستثمارات الاجنبية خلال الفترات الأخيرة، وذلك فى ظل المقاومات التى تتمتع بها والتى تؤهلها لتحقيق معدلات نمو مرتفعة على المديين المتوسط والبعيد.
أضافت أن تلك القطاعات مُرشحة بقوة لإقتناص حصة كبيرة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير مباشرة المتوقع ضخها خلال العام المقبل.
وتوقعت أن يسجل القطاع معدلات نمو تصل إلى 25% خلال عام 2018، موضحه أن هذه النسبة تتوقف على معدل الزيادة المتوقعة للأسعار خلال العام المقبل، وذلك فى ظل الارتفاع المتوقع فى أرباح الشركات لتسجل عائد على حقوق المساهمين يتراوح بين 25: 35%، فى حين تشهد الكميات المُباعة نموا بمعدل 10:15%.
وفى ذات السياق أكدت أن عام 2018، يُعد عام الانطلاق على صعيد الاقتصاد الكلى خاصة مع بدء تلاشى السلبيات قصيرة الأجل التى تزامنت مع برنامج الإصلاح، وذلك بصدارة عدد من القطاعات تشمل قطاع الأدوية والمتوقع أن يبدأ تعافيه ورحلة انطلاقه بداية من العام المقبل.
سُبل التمويل
وقال إسلام عبد العاطى المحلل المالى ببنك استثمار «بايونيرز»، إن البورصة المصرية تُعد السبيل التمويلى الأمثل لقطاع الأدوية والرعاية الصحية خلال الفترة الراهنة، خاصة فى ظل النظرة الإيجابية التى يتمتع بها هذا القطاع من قبل المؤسسات الأجنبية، مُشيرًا لتغطية الطرح الخاص لشركة ابن سينا بمعدل يتجاوز الـ17 مرة، ذلك الأمر الذى يؤكد مدى ثقة المستثمرين الأجانب والعرب بالسوق المصرية ورغبتهم فى ضخ مزيدا من الاستثمارات غير المباشرة بالقطاعات الاستراتيجية المتوقع أن تحقق طفرات على المدى المتوسط والبعيد لاسيما القطاع الصحى.
أكد أن نجاح اكتتاب شركة ابن سينا يحمل بين طياته ترويج مباشر للبورصة وقدرتها على توفير التمويل اللازم لشركات هذا القطاع، متوقعًا أن يشهد العام المُقبل المزيد من الطروحات بكل من قطاع الرعاية الصحية والأدوية وقطاع الأغذية والمشروبات، خاصة فى ظل ارتفاع تكلفة التمويل المصرفى.
أوضح عبد العاطى أن قطاع الأدوية بالبورصة حتى الآن لم يُمثل بالصورة الكافية شركات القطاع، وذلك فى ظل صفقات الاستحواذات والاندماجات المتتالية على الشركات الصغيرة، والتى أدت بدورها لتقليص حصة القطاع بالبورصة.
«علاج» تقود صفقات الاستحواذ فى الربع الأخير من 2017
أجرت مجموعة «علاج» الطبية السعودية مجموعة من صفقات الاستحواذ فى السوق المصرية خلال الفترة الماضية، حيث استحوذت على 74% من أسهم شركة معامل «كايرو لاب» مقابل نحو 36 مليون جنيه فى شهر أكتوبر، قبل أن تضيف إلى محفظتها 15% من أسهم مستشفى العيون الدولى.
وانتهت مجموعة «علاج» الطبية السعودية من استحواذها على كل من مستشفى الإسكندرية الدولى بمنطقة سموحة ومستشفى ابن سينا التخصصى بالمهندسين.
تخطط «علاج» للاستحواذ على 25% من شركة معامل تكنو سكان للأشعة فى إطار خطتها للتوسع فى مصر.