بريطانيا مسرح حرب شرسة بين أسترازينيكا وجلاكسو سميثكلاين
بعد توليه منصب الرئيس التنفيذي لشركة أسترا زينيكا في 2012، أرسل باسكال سوريو فريقا إلى مؤتمر عالمي لعلوم الحياة، للبحث عن شركاء محتملين في اكتشاف الأدوية، الا أن قلة من الحضور كانت مهتمة بذلك.
يقول أحد المستثمرين المخضرمين الذين حضروا الحدث: «كانت أشبه بكونها مزحة، كانوا يتجهون إلى الجميع محاولين إقامة شراكات، لكن لم يكن هناك أحد يستمع».
فشل شركة أسترازينيكا المتكرر، في العثور على أدوية جديدة لتحل محل الأدوية التي كانت تدر أموالا في الماضي، في الوقت الذي تنتهي فيه صلاحية براءات الاختراع، لم يكن مغريا.
وبعد سبعة أعوام، أحدثت شركة أسترازينيكا تحولا لافتا للنظر في الأدوية العالمية، حيث أنتجت سلسلة من أدوية السرطان التي حققت نجاحا كبيرا للغاية، وقذفت بها إلى الصفوف الأولى في الصناعة.
يقول المستثمر إن الشركاء المحتملين «لا يضحكون الآن».
وفي الشهر الماضي، حققت شركة أسترازينيكا أحدث نجاح لها عندما اختارها «مركز جنر» لتطوير اللقاحات المعروف في جامعة أكسفورد، كشريك لتطوير وتصنيع لقاح يحتمل أن يكون رائدا لمكافحة جائحة فيروس كورونا.
اختيار مجموعة الأدوية التي يوجد مقرها في كامبريدج، على الرغم من وجودها المحدود في سوق اللقاحات مقارنة بنظيرتها البريطانية جلاكسو سميثكلاين «GSK» التي كانت، بصفتها أكبر شركة مصنعة للقاحات في العالم من حيث المبيعات، الخيار الأكثر وضوحا.
القرار يؤتي ثماره منذ الآن.
قالت شركة أسترازينيكا الأسبوع الماضي إنها حصلت على طلبيات لما لا يقل عن 400 مليون جرعة من لقاح كوفيد – 19، الذي لم تثبت صلاحيته حتى الآن، إضافة إلى مليار دولار من التمويل من وزارة الصحة الأمريكية.
وتمثل صفقة أكسفورد انعكاسا لحظوظ الشركتين، اللتين تحملان علم التميز البريطاني المرغوب في علوم الحياة.
بالكاد بعد عام من تعرضها للسخرية في ذلك المؤتمر، كانت شركة أسترازينيكا تقاتل من أجل بقائها ضد عرض انتهازي للاستحواذ عليها بقيمة 55 جنيها استراليني للسهم من شركة فايزرالأمريكية – وهي معركة ظنت قلة من المستثمرين أنها تستحق الفوز، بعد أن فشلت إعادة الهيكلة التسلسلية في إعادة ملء خط الأدوية التجريبية.
يقول مستثمر مؤسسي آخر: «كان معظم المستثمرين يقولون إن كان بإمكانهم الحصول على 57 جنيها أو 58 جنيها استرليني ، فسنأخذ ذلك – وأنا منهم».
الآن، بعد أن دحرت شركة فايزر وأنشأت ريادة عالمية في علاجات الأورام الرائدة، ينظر إلى شركة أسترازينيكا على أنها الرهان الأفضل للمساعدة على تصنيع وتسويق جيل جديد من اللقاحات.
ويمكن للشراكة أيضا أن تمنح المجموعة موطئ قدم في سوق قيمتها نحو 60 مليار دولار سنويا، ومن المتوقع أن تنمو بين الآن و2024 بنحو 7 في المائة سنويا.
ويتم تداول أسهم الشركة الآن بسعر 90 جنيها، وهي تقود مؤشر فاينانشال تايمز 100 للشركات البريطانية المدرجة.
الضغط على جلاكسو سميثكلاين
وضع نجاح شركة أسترازينيكا نظيرتها شركة جلاكسو سميثكلاين GSK تحت ضغط أكبر حتى من ذي قبل، لإثبات قدرتها على تحقيق انتعاش متواصل مماثل بقيادة الأبحاث والتطوير، بعد أعوام من الفشل في تطوير كادر من الأدوية الرائجة الجديدة، على الرغم من زيادة أعداد الموافقات التنظيمية الممنوحة لها.
يقول آدم باركر، محلل المستحضرات الدوائية في «شور كابيتال»: «التحول الأخير الذي حققته أسترازينيكا أعطاهم بالتأكيد سمعة الابتكار». وهذا يضعهم «في طليعة أذهان المتعاونين عندما يتعلق الأمر بالعلاجات الجديدة».
اختيار معهد جنر لن يقرر نجاح أو فشل أي من الشركتين، شركة جلاكسو GSK لديها شراكة مع منافستها شركة سانوفي الفرنسية لتطوير لقاح، فضلا عن مبادرات أخرى للتصدي للفيروس.
يسلط الضوء على المسارات المختلفة التي اتخذها عملاقا الأدوية على مدى العقد الماضي، وحجم التحدي الذي يواجه الرئيسة التنفيذية لشركة جلاسكو GSK إيما وولمزلي، وهي تحاول عكس عقد من الأداء الضعيف.
الشركة الأكثر قيمة في بريطانيا
قبل شهر من تولي سوريو منصبه، بلغت القيمة السوقية لشركة أسترازينيكا 36.6 مليار جنيه، أي ما يزيد قليلا على نصف إيرادات شركة جلاكسو عند 70.9 مليار جنيه استرليني.
وفي الأسابيع الأخيرة، أصبحت هي الشركة الأكثر قيمة في بريطانيا من حيث الرسملة السوقية، حيث بلغت 118 مليار جنيه مقابل 83.4 مليار جنيه لشركة جلاكسو GSK. النهجان المختلفان من الشركتين ربما يكون أيضا نذيرا بالحظوظ المتغيرة لقطاع الأدوية البريطاني.
يقول أحد المشاركين في شراكة اللقاحات: «هذه خطوة استراتيجية مثيرة للاهتمام بالنسبة إلى شركة أسترازينيكا. إنه التزام من جانبهم للعمل في هذا المجال.
«ستكون هناك فرصة تجارية في التهديد الصحي العالمي الذي ترغب الحكومات في دفع المال مقابله».
وبحلول 2022، من المتوقع أن تعود شركة أسترازينيكا إلى صفوف أفضل عشر شركات دوائية في العالم بفضل الأدوية القوية الجديدة، وفقا لشركة لتزويد البيانات.
وبحلول 2026، مع توقع نمو مبيعات الأدوية السنوية بمعدل الضعف من شركة جلاكسو GSK، يفترض أن تتقدم مع نظيرتها في بريطانيا، ما يمنع أي عمليات استحواذ تحويلية عليها.
الحاجة إلى الابتكار
اكتشاف الأدوية مشروع عالي المخاطر، يمكن إنفاق المليارات على جلب الدواء إلى السوق، وحتى في ذلك الحين، تنجح أقل من 10 في المائة من الأدوية، بالكاد تحسنت الإنتاجية في الصناعة بعد أعوام.
بعد عصر ذهبي في التسعينيات، عندما ارتفعت الموافقات على الأدوية من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إلى مستويات قياسية، بدأ الابتكار في التوقف في أوائل العقد الأول من القرن الحالي.
اكتشف برنارد مونوس، وهو تنفيذي سابق لمجموعة إيلي ليلي الأمريكية للأدوية، أن حصة شركات الأدوية الكبرى في اكتشافات الأدوية، انخفضت إلى النصف بين أوائل الثمانينيات و2008، على الرغم من الارتفاع الحاد في الإنفاق على الأبحاث والتطوير.
استراتيجية الإندماج والاستحواذ
الاستراتيجيات التي اتبعها كثير من مجموعات الأدوية – بما في ذلك شركتا جلاكسو GSK وأسترازينيكا – القائمة على عمليات الاندماج والاستحواذ، لم تنجح في إنشاء مراكز الأبحاث والتطوير على المستوى الصناعي.
وفي بريطانيا، تفاقم الألم من حقيقة أن كلا من شركة جلاكسو GSK وأسترازينيكا كانتا متأخرتين عن بعض الأقران، من حيث التعرف على التحول من الأدوية القائمة على المواد الكيميائية – ما يسمى أدوية الجزيئات الصغيرة – إلى العلاجات البيولوجية المتخصصة، وقد كانت مجالا أكثر نجاحا في الأبحاث والتطوير.
يقول جون بولر، مدير صندوق شرودرز العالمي للرعاية الصحية: «كان لدى شركتي أسترا زينيكا وجلاكسو أقسام للأبحاث والتطوير، لم تتكيف مع العالم الجديد».
وتباطؤ أكبر شركتين للأدوية في بريطانيا كانت له عواقب على علوم الحياة في بريطانيا. العلماء البريطانيون في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث الاستشهاد بهم في الأبحاث الأكاديمية في هذا التخصص، بعد أن كانوا في طليعة أبحاث الأجسام المضادة، على سبيل المثال، حيث تسخر الأدوية نظام المناعة في الجسم لمحاربة الأمراض. يقول بولر: «الأمريكيون على العكس كانوا قد ركزوا على ذلك».
وبين 2010 و 2017، انخفضت الإنتاجية في قطاع المستحضرات الصيدلانية بنحو الثلث، وفقا لدراسة أجرتها هيئة التجارة الصناعية Make UK.
وبحلول 2017 انخفض إجمالي القيمة المضافة – مقياس السلع والخدمات المنتجة ناقصا المدخلات – إلى مستويات 2001.
إحباط المستثمرين
في وقت مبكر في 2012، كانت شركات الأدوية الكبرى في بريطانيا تثير إحباط المستثمرين. كما تضررت مصداقية شركة جلاكسو GSK بسبب فضائح الرشوة في الولايات المتحدة والصين، لكن شركة أسترازينيكا كانت هي الوحيدة التي استجابت من خلال تغيير الإدارة، واقتناص سوريو من شركة روش السويسرية كرئيس تنفيذي في أواخر 2012.
مع وجود عالم على رأس الشركة – وهو عالم كانت لديه خبرة أيضا في إدارة شركة جينيتك Genentech، واحدة من أكثر مجموعات التكنولوجيا الحيوية المبتكرة وفرع لشركة روش – بدأت شركة أسترازينيكا في إعطاء الأولوية لأحدث مجالات العلوم، وفي الوقت نفسه بيع حصة في صنع بعض الأدوية، لجمع المال من أجل البحث والشراكات.
ساعدت هذه الاستراتيجية شركة أسترازينيكا في اجتياز فترة صعبة، حيث كان عليها إعادة تخزين الأدوية التجريبية.
بعض المستثمرين أثاروا تساؤلات حول شفافية النتائج التي أبلغت عنها المجموعة، تعرض «سوريو» لانتقادات من المستثمرين بسبب بعض ممارساته المحاسبية بما في ذلك تكاليف إعادة الهيكلة، فقد استمدت شركة أسترازينيكا في الماضي من مبيعات كبيرة لما يسمى «إيرادات التعاون» – وهو دخل مستمد من مبالغ الريع والتخلص من الأدوية والشراكات.
يقول بول ميجور من شركة بي بي هيلثكير: «نفد بيعنا منذ 18 شهرا، كان السبب البسيط هو التعتيم على الصفقات، هذا جعل من الصعب جدا تحديد قيمة للأدوية التجريبية، وأدى إلى تضخيم الربحية الأساسية».
خطوة كامبريدج
منذ ذلك الحين تم تخفيف بعض هذه المخاوف من خلال العودة إلى نمو مبيعات المنتجات الجديدة – مدفوعة بسلسلة الموافقات للأدوية البارزة التي ستحقق عائدات لأعوام مقبلة.
كان من أولى قرارات سوريو التركيز على المشاريع التي كانت قابعة في قسم علم الأحياء، التي تشكلت نتيجة الاستحواذ على شركة ميدإيميون MedImmune بقيمة 15 مليار دولار في 2007، وهي صفقة تعرضت لانتقادات شديدة.
«ضربة المعلم» في 2016، كما يقول المحللون والمستثمرون، كانت قرار نقل مقر شركة أسترازينيكا من أولدرلي بارك في تشيشاير، إلى قلب مركز علوم الحياة في بريطانيا، أي إلى كامبريدج، وهو ما أدى إلى تغيير جو الشركة على الفور، وتوفير الوصول الفوري إلى بعض ألمع الباحثين في العالم.
شركة جلاكسو GSK، حيث يقع مركز أبحاثها الرئيس على بعد ساعة واحدة بالسيارة في مدينة ستيفنيج القريبة من لندن، اختارت طريقا آخر.
استراتيجية معيبة
الرئيس التنفيذي السابق أندرو ويتي، خريج الاقتصاد الذي ارتفع من خلال الجانب التجاري، كان مدافعا متحمسا عن نموذج الشركة المتنوع الذي ينتج كل شيء من معجون الأسنان إلى اللقاحات.
وكان يرى أن الإيرادات المتوقعة من قسم الصحة الاستهلاكية ستساعد على تمويل البحث والتطوير في مجال الأدوية، بينما تعزز أيضا قدرتها على الحفاظ على الأرباح عالية القيمة.
في 2015 استبدلت شركة جلاكسو GSK محفظة الأورام مقابل القسم الاستهلاكي وقسم اللقاحات من شركة نوفارتيس.
بعد مرور فترة على ذلك، يشير فيل تومسون، رئيس شركة جلاكسو GSK للشؤون العالمية، إلى أن هذه الاستراتيجية كانت معيبة.
ويقول: «نموذج الأعمال المتنوع المذكور لا يعمل إلا إذا كان أداء قسم أعمال المستحضرات الصيدلانية جيدا، كان تعزيز خط الأدوية التجريبية هو الحاجة الرئيسة للشركة منذ أعوام».
علم الأورام
أثبت علم الأورام منذ ذلك الحين أنه واحد من أكثر المجالات الواعدة لتطوير الأدوية الجديدة – والمحرك وراء خط شركة أسترازينيكا للعلاجات مثل Tagrisso، العلاج الرئيس في المجموعة المخصص لسرطان الرئة ودواء Lynparza الذي تمت الموافقة عليه في البداية كدواء لسرطان المبايض.
اعترف سوريو أنه لم يعتمد على محفظة الأورام لكي تحقق النتائج بالسرعة التي كانت عليها.
وقال في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» أجريت معه أواخر العام الماضي: “حقيقة أننا خاطرنا بتطوير Lynparza. ثم بدأ يعطي في الواقع الأمل للناس وبدأ في بناء الاعتقاد بأن لدينا أشياء في طور الإعداد، وفرق البحث لدينا كانت أفضل مما كان يظن الناس. وقال «سوريو».. «لقد ساعدت على تشكيل الثقافة».
تصحيح أخطاء الماضي
في عهد السيدة وولمزلي، التي تولت القيادة في 2017، تحاول شركة جلاكسو GSK تصحيح أخطاء الماضي.
الخطوة الأولى هي تفكيك الشركة، المقررة بحلول 2022، إلى شركة للرعاية الصحية الاستهلاكية، ومجموعة منفصلة للأدوية واللقاحات.
تهدف شركة جلاكسو GSK إلى أن تكون شركة أدوية أكثر تخصصا «تركز على العلوم المتعلقة بنظام المناعة، واستخدام علم الوراثة والتقنيات الجديدة».
في وقت سابق من هذا العام، قال روجر كونور، رئيس قسم اللقاحات في شركة GSK، لصحيفة «فاينانشيال تايمز»: «لا أعتقد أن هناك كثيرا من الشركات في العالم التي لديها معرفة بنظام المناعة التي تتمتع بها شركة جلاكسو GSK، ونريد التأكد من أننا في شركة جلاكسو ’GSK الجديدة‘ نستغل هذا التعاون العلمي بين المجموعات تماما».
بعض المراقبين يعتقدون أن شركة الأدوية ستكون صغيرة مقارنة باللاعبين العالميين الآخرين، وأنها ستكون جاهزة للاستحواذ عليها.
الاستحواذ على «تيسارو»
ولتعزيز آفاقها، تتخذ وولمزلي تعزيز أبحاث علم الأورام أولوية لها. في العام الماضي، عززت شركة جلاكسو GSK محفظتها للسرطان من خلال الاستحواذ على «تيسارو» ومقرها الولايات المتحدة مقابل خمسة مليارات دولار، وتضاعف عدد أصول الأورام في محفظتها منذ 2018.
حيث إن مبيعات الأورام في 2019 كانت 230 مليون جنيه، فإنها لا تزال متخلفة بشكل كبير عن شركة أسترازينيكا التي سجلت مبيعات بقيمة 8.7 مليار دولار.
حاولت وولمزلي، الرئيسة السابقة لقسم الرعاية الصحية الاستهلاكية لدى شركة جلاكسو GSK، تعويض افتقارها إلى الخبرة في مجال الأدوية من خلال إحاطة نفسها بفريق من «كبار النجوم»، على حد قول جو والترز، مدير الصندوق في «رويال لندن لإدارة الأصول».
«كبار النجوم»
هال بارون، المقيم في كاليفورنيا، رئيس قسم البحث والتطوير، أخذ من شركة كاليكو الناشئة التابعة لشركة جوجل، والمختصة بأبحاث إطالة العمر لدى الإنسان، وكان كبير الأطباء في شركتي جينينتيك وروش.
لوك ميلز، الذي كان الساعد الأيمن لسوريو في شركة أسترا زينيكا، هو رئيس قسم الأدوية في شركة جلاكسو GSK. تعيينه يشدد التركيز على السعي وراء الأدوية فقط، مع آفاق واضحة للعائد المالي، بعد أعوام من انجراف باحثيها إلى “أرض الهوايات”، كما قالت وولمزلي ذات مرة.
هذا الفريق بعث الطمأنينة لدى المستثمرين. يقول والترز: «ببطء ولكن بثبات، هي تعمل على تحويل المجموعة نحو الأفضل». ومع ذلك، فإن التحركات الأولية للفريق تثير الآن أسئلة حول تركيز شركة جلاكسو GSK على المدى الطويل على بريطانيا.
الدكتور بارون، الذي أصر على أنه سيبقى في سان فرانسيسكو لإدارة شبكة البحث والتطوير العالمية لشركة جلاكسو GSK، يقود الصفقات التي أشيد بها على أنها حاسمة لتحويل خط الأدوية المستقبلي للمجموعة.
إضافة إلى شركة تيسارو، استحوذت شركة جلاكسو GSK على حصة في شركة 23andMe التي يوجد مقرها في الساحل الغربي، التي تختص باختبارات الوراثة الاستهلاكية، وأبرمت تعاونا لمدة خمسة أعوام مع جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو لإنشاء مختبر لتقنيات كريسبر Crispr، التي تستخدم لتحرير الجينات.
البحث عن الخبرة
في حين أن الولايات المتحدة لا تزال أكبر سوق للأدوية وأكثرها ابتكارا في العالم، فهناك مخاوف من أن رئيس شركة جلاكسو GSK للبحث والتطوير قد يفوِت فرصا أقرب إلى مركز الشركة في بريطانيا.
يقول دان ماهوني، الرئيس المشارك لاستثمارات الرعاية الصحية في «بولاركابيتال» لإدارة الأصول: «كل الأفكار تأتي من كاليفورنيا، في حين أن أذكى العلماء، ربما يكونون على عتبة دارك في بريطانيا».
ويقول بولر: «يمكنك أن ترى أنه مع الشراكات التي دخلها هال في مركز الجاذبية فهو يتحول إلى الخارج».
يشير المستثمرون إلى الفرص التي توفرها خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا، التي تدفع بشكل فردي وتهتم بجميع البريطانيين، ويمكن أن تقدم مزايا كبيرة عند تجربة علاجات جديدة.
يقول أحد المستثمرين إن البيانات التي يجمعها نظام واحد، يمكن أن تساعد على تسريع تطوير الأدوية والقدرة التنافسية للصناعة البريطانية.
ويرى «طومسون» إن المخاوف بشأن التزام الشركة تجاه بريطانيا مبالغ فيها، حيث يتم استثمار مليار جنيه استرليني سنويا في البحث والتطوير في بريطانيا، وحيث يمثل مركز ستيفنيج موضع بحث عالميا رئيس لدى الشركة.
من الأصول الثمينة للغاية
ويضيف أن بيانات خدمة الصحة الوطنية هي «من الأصول الثمينة للغاية» لكنها ستتطلب استثمارات كبيرة لاستغلال كامل إمكاناتها.
يقول طومسون إن خدمة الصحة الوطنية بدأت في إقامة روابط بين التجارب السريرية والبيانات والبنية التحتية للأبحاث في بريطانيا، مثل البنك الحيوي للبيانات الصحية: «حين تجعل الذين يتواصلون في بريطانيا يعملون بطريقة قابلة للتطبيق، بحيث يمكن للصناعة الوصول إليها بشكل مناسب، فإن هذا هو قطعا الخطوة التالية، أنت ترى الآن عناصر من ذلك، ولكن يجب أن يكون هناك مزيد، إذا حدث ذلك، فإن بريطانيا تظل جذابة للغاية بالنسبة إلينا».
في نهاية المطاف، من المرجح أن يكون موقفا شركة جلاكسو GSK وأسترا زينيكا غير محددين جغرافيا.
يقول باركر من «شور كابيتال»: «كلتاهما تستوردان الخبرة من أينما كان ذلك أفضل. بالطبع، جزء من ذلك هو من أو ما تعرفه منذ الآن، وربما هذا هو السبب الذي جعل هال يتطلع إلى الولايات المتحدة».
التدخل السياسي
التحدي الأكثر إلحاحا هو الخطر المتزايد من التدخل السياسي، حيث أصبحت الصحة العامة واكتشاف الأدوية مسألتين تتعلقان بالأمن القومي.
خصصت الشركتان موارد لا يستهان بها لمحاربة فيروس كورونا. يفهم المستثمرون أنه سيكون هناك عائد مالي ضئيل أو معدوم في المستقبل القريب من هذه الجهود. لكنها قد تساعد على استعادة سمعة – وقوة مساومة – صناعة تم تشويهها بسبب أسعار الأدوية الحساس، التي ربما تم تطويرها بدعم من الأبحاث الممولة من دافعي الضرائب.
يقول ميجور: «كانت شركات الأدوية الكبرى تتعرض لضغوط متواصلة طوال الأعوام الأربعة الماضية. هذه فرصة للصناعة لإثبات جدارتها وقيمتها للمجتمع».
عقاقير الأورام الأكثر مبيعا
عقار تاجريسو Tagrisso: أفضل دواء للسرطان من شركة أسترا زينيكا، تمت الموافقة عليه ليكون العلاج الأول الذي يعطى لأنواع معينة من سرطان الرئة المتقدم.
وافق عليه المنظمون في 2015، وحقق مبيعات بلغت 3.2 مليار دولار في العام الماضي. من المتوقع أن تزيد المبيعات إلى أكثر من الضعف بحلول 2026 إلى 6.9 مليار دولار.
وتشير التجارب الحديثة إلى أنه يمكن تمديد استخدامه لمنع عودة السرطان في المرضى الذين أزيلت الأورام من أجسامهم.
عقار إمفينزي Imfinzi: دواء للعلاج المناعي ويستخدم لعلاج المرضى الذين يعانون بعض أنواع سرطان المثانة والرئة.
ومن المتوقع أن يكون ثاني أكبر الأدوية مبيعا لشركة أسترازينيكا، مع توقع ارتفاع المبيعات من 1.5 مليار دولار العام الماضي إلى 4.8 مليار دولار بحلول 2026.
أما عقار لينبارزا Lynparza : فقد تمت الموافقة عليه لأول مرة لعلاج سرطان المبايض في نهاية 2014، وبعد ذلك لسرطان الثدي والبنكرياس.
وهو يستهدف المحركات الوراثية وراء الوضع الذي يعانيه المريض. تم تطوير عقار لينبارزا بالتعاون مع شركة ميرك الأمريكية، كما تم اعتماده لأنواع معينة من سرطان البروستاتا.
حقق الدواء عائدات بقيمة 1.2 مليار دولار لشركة أسترازينيكا العام الماضي، مع توقع أن يحقق 4.7 مليار دولار بحلول 2026 للشركة.