الدكتور شريف كمال يكتب.. تفاعل معقد بين مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والكلى
وجد العلماء في الآونة الأخيرة أن العلاقة المعقدة بين مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وصحة الكلى، لها تأثيرات كبيرة على جودة حياة المريض وتطور الأمراض، بل إن فهم هذه العلاقة جعل من الممكن الاكتشاف المبكر لسلسلة من الأمراض المزمنة التي بالتالي يسهل منعها ومن ثم حماية المجتمع من أعباء علاج أمرض مزمنة متعددة ويساعد في تحديد استراتيجيات فعّالة للوقاية والإدارة المبكرة لصحة جيدة.
ويعد مرض السكري حالة مزمنة تتميز بارتفاع مستويات السكر في الدم و يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى إضعاف عضلة القلب وتقليل قدرتها على ضخ الدم بشكل فعّال ومن ثم فشل القلب.
كما أن أشخاص مصابون بداء السكري يظهرون زيادة في احتمالية الإصابة بمرض الشريان التاجي، حيث تتراكم الدهون في الشرايين التاجية، مما يقلل من تدفق الدم إلى عضلة القلب.
والأشخاص الذين يعانون من مرض السكري يواجهون خطرًا متزايدًا للإصابة بالسكتة الدماغية، حيث يمكن لتشكيل الجلطات في الأوعية الدموية تسبب انقطاع التدفق الدموي إلى الدماغ.
و لكي نفهم هذا الارتباط الوثيق بين مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، مما يزيد من خطر الإصابة بمشاكل قلبية، دعونا نلقي نظرة أعمق على هذه العلاقة لنفهم آلية الزيادة في خطر أمراض القلب لدى مصابين بالسكري.
إن ارتفاع مستويات السكر في الدم يمكن أن يسبب تلفًا للأوعية الدموية، مما يجعلها أكثر عرضة لتراكم الدهون وتكوين التصاقات تسهم في تضيق الشرايين.
ويعتبر العلماء مرض السكري حالة التهابية، وهذا التهاب يمكن أن يسهم في تطور أمراض القلب عن طريق تحفيز عمليات التلف داخل الأوعية الدموية.
ويسهم مرض السكري أيضا في ارتفاع ضغط الدم وتغيرات في مستويات الكوليسترول، وهما عوامل مساهمة مهمة في أمراض القلب.
ولذا فان مرض السكري من النوع الأول والنوع الثاني يساهم في حدوث مضاعفات القلب والأوعية الدموية وأيضا يساهم في تعلل الكلى كما يمكن أن يؤدي مرض السكري الذي تتم إدارته بشكل سيء إلى تلف الأوعية الدموية والأعصاب والأعضاء بمرور الوقت.
ولذلك من المفهوم الآن أن يتعرض الأشخاص المصابون بداء السكري لخطر متزايد للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل مرض الشريان التاجي، وفشل القلب، والسكتة الدماغية.
ومن الأمور المعروفة ان اعتلال الكلية السكري هو أحد المضاعفات الشائعة لمرض السكري الذي يؤثر على الكلى فان ارتفاع مستويات السكر في الدم مع مرور الوقت يمكن أن يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية الصغيرة في الكلى، مما يضعف وظيفتها، و يعد مرض الكلى المزمن هو نتيجة شائعة، ويمكن أن يتطور إلى مرض الكلى في المرحلة النهائية ، مما يستلزم غسيل الكلى أو زرع الكلى.
وهذا التفاعل بين مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وصحة الكلى ثنائي الاتجاه بمعني أنه يمكن لكل حالة أن تؤدي إلى تفاقم الحالات الأخرى، مما يخلق دورة صعبة من المضاعفات.
يمكن أن تؤثر مشاكل القلب والأوعية الدموية المرتبطة بمرض السكري، مثل تصلب الشرايين، على تدفق الدم الكلوي، مما يساهم في حدوث مشاكل في الكلى، ويمكن أن يؤدي مرض الكلى إلى احتباس السوائل وزيادة ضغط الدم، مما يزيد من الضغط على نظام القلب والأوعية الدموية.
وتعد إدارة مرض السكري أمرًا بالغ الأهمية في التخفيف من مخاطر وتطور مضاعفات القلب والأوعية الدموية والكلى ولذلك فان التحكم الصارم في نسبة السكر في الدم أمرًا أساسيًا في منع أو إبطاء تطور المضاعفات.
وتعد مراقبة وإدارة ضغط الدم ومستويات الكوليسترول ضرورية لصحة القلب والأوعية الدموية.
وتلعب تعديلات نمط الحياة، بما في ذلك اتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام وتجنب التبغ، أدوارًا حاسمة و من الضروري إجراء فحوصات طبية منتظمة للكشف عن المضاعفات ومعالجتها مبكرًا.
وفي النهاية فان فهم ومعالجة مثلث الكلى القلب والأوعية الدموية لمرضى السكري أمرًا بالغ الأهمية في توفير رعاية شاملة للأفراد المصابين بداء السكري، يمكن أن يساعد النهج الشامل الذي يتضمن تعديلات نمط الحياة، والكشف الدوري وإدارة الأدوية، والمراقبة المنتظمة في التخفيف من تأثير مرض السكري على صحة القلب والأوعية الدموية والكلى، وتحسين النتائج الإجمالية للمرضى.
الدكتور شريف كمال
مستشار رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية للشؤون الصيدلية وإدارة الدواء