الدكتورة أماني مصطفى تكتب.. تداعيات تغير المناخ على الأنظمة الصحية
يعيش أكثر من ثلاثة مليارات شخص في بيئات تعرضت بشدة لتغير المناخ، ويواجهون مخاطر صحية متزايدة جراء هذا التحول المناخي. تلخصت هذه في تهديدات مباشرة، مثل اشتداد الحرارة المفرطة، أو غير مباشرة عن طريق تعطل الخدمات الصحية الروتينية خلال الظروف الجوية القاسية. ويوجد مؤشرات توضح أن في المستقبل، من الممكن حدوث انتشار للأمراض المعدية، حيث تشير التقديرات إلى احتمالية حدوث تفشي شبيه لوباء كوفيد-19 بنسبة 2 إلى 3٪ سنويًا، ما يعني أنه من المتوقع أن يحدث وباء كل 33 إلى 50 عامًا.
لقد أثارت الأزمة الصحية العالمية الناجمة عن جائحة كوفيد-19 قضية عدم استعداد العالم لمواجهة التهديدات المتزايدة في وقت الأوبئة والكوارث المناخية. خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2023، ومن المتوقع أن تزداد آثار المناخ سوءًا مستوى العالم، متسببة في حدوث حوالي 250،000 حالة وفاة عالمية وذلك في الفتره خلال عامي 2030 الي 2050 . لذا، أصبحت الأثار الصحية للتغير المناخي محل اهتمام أكبر من الحكومات، وأصبحت الصحة محورًا رئيسيًا في جدول أعمال الاجتماعات المناخية على المستوى العالمي.
وللحد من هذه الأثار لابد من العمل علي مواجهة تغيرات المناخ وآثارها على النظام الصحي، وكذلك التأهب للأوبئة والاستجابة لكلا التهديدين، ومن المستهدف ضخ استثمارات كبيرة في التكيف والتطوير.
والدراسات اوضحت أن الإنفاق السنوي البالغ حوالي 35 مليار دولار سنويا على مدى السنوات العشر المقبلة يمكن أن يقلل إلى حد كبير من احتمالية حدوث ذلك الخلل مستقبليا في الأنظمه الصحيه
كما دعا آخرون إلى الاستثمار بنفس الحجم بالإضافة إلى أهميه التزامات المانحين المحليين والثنائيين والمتعددي الأطراف، ودلل إنشاء صندوق الأوبئة في نوفمبر 2022 على هذا الإلتزام العالمي المشترك لزيادة التأهب للأوبئة.
ويمكن لهذه الاستثمارات أن تلعب دورًا هامًا في تعزيز المرونة ضد التهديدات المناخية والمعدية، وتعزيز الرعاية الصحية الأولية على نطاق أوسع. بحسب بحث ماكينزي، يُقدر أن استثمارات عالية التأثير تتراوح ما بين 7 مليارات دولار إلى 25 مليار دولار يمكن أيضا أن تُسهم بشكل مباشر في التداخل بين المجالين.
ويعتقد البعض أنه قد يبدوا تأمين حجم الاستثمار اللازم لتحقيق هذه الأهداف مهمة صعبة، ولكن وجود نهج مدروس يستهدف التآزر بين الجوانب المختلفة يمكن أن يسهم في تحقيق ذلك. بالإضافة إلى أن الحكومات والمنظمات الخيرية يجب أن تركز جهودها لبناء نظم صحية مرنة قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية المتزايدة وتعاونها في تحقيق الأهداف الصحية الحالية والمستقبلية المهمة.
أن معالجة مخاطر تغير المناخ والأمراض المعدية تتطلب نظم رعاية صحية أولية مرنه قادرة على الاستجابة بسرعة وفعالية. ومع ذلك، فإن الموراد المالية المتاحة للاستثمارات في النظام الصحي، وكذلك الميزانيات العامة الأوسع، محدودة. وبالتالي، ستضطر الجهات المعنية إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن تحديد الأولويات وتخصيص الموارد لخلق القيمة والتأثير الإيجابي.
باختصار، يمكن للاستثمارات العالية في القطاع الصحي أن تلعب دورًا حاسمًا في تخفيف آثار وتداعيات تغير المناخ على الأنظمة الصحية. تحتاج مواجهة هذه التحديات إلى إرادة سياسية قوية وتعاون دولي شامل لتحقيق أهداف صحية مستدامة وتعزيز الاستدامة البيئية.
الدكتورة أماني مصطفى
رئيس المؤسسة المصرية لحماية حقوق المرضى