د. محمد عز العرب يكتب.. كلمة ورد غطاها.. قرار فتح مثائل الأدوية جيد.. ولكن!!
أثار قرار وزارة الصحة رقم 645 لعام 2018 الكثير من المخاوف (المشروعة) يقابلها العديد من المكاسب المتوقعة وسيؤدي هذا القرار إلي تحرير البوكسات الدوائية (والمقتصر حاليا علي 12 مكان فقط للصنف الدوائي الواحد كالآتي: مكان للدواء الأصلي ومكان لمثيل مستورد و10 مثائل محلية وذلك حسب القرار الوزاري 425 لعام 2015).
فلو نظرنا إلي القرار الجديد بنظرة محايدة فإنه وضع ضوابط محددة مثل إقتصار تحرير البوكسات علي إنتاج الأصناف الناقصة والنادرة فقط في السوق المحلي من خلال المصانع المسجلة خلال العشر سنوات الماضية وكذلك للمصانع تحت الإنشاء (أكثر من 100 مصنع) وكذلك الإنتاج بغرض التداول في السوق المحلي والتصدير مما سيعيد الحياة لتلك المصانع مما يعني جذب المزيد من الإستثمارات وتوفير فرص العمل لهذا القطاع الهام.
وذلك يعتبر خطوة إيجابية كبيرة لهذا القرار ناهيك عن توفير النواقص في السوق المصري (وهو هدف هام للقرار) والتي إكتوي المريض المصري بنيران النقص خاصة في السنوات الأربع الماضية خاصة الأدوية الحيوية وأدوية الأمراض المزمنة والسرطان
ولم تفلح الزيادتين المجمعتين (الفاشلتين) في 27 مايو 2016 و 12 يناير 2017 في توفير العديد من النواقص بصفة مستمرة ده غير الزيادات التي تحدث بصفة دورية حسب موافقة لجنة التسعيرة بالإدارة المركزية للصيدلة بعد دراسة طلبات الشركات وكذلك من مزايا القرار منع الإحتكار لأصناف هامة والتي زادت أسعاره بشكل مخيف خلال الثلاث سنوات الماضية نتيجة تعطيش السوق منها (لإجبار وزارة الصحة لزيادة تسعيرتها ).
وأدي نقص الأدوية إلي إنتعاش السوق السوداء وتربحها من تجارتها والأمثلة كثيرة علي ذلك مثل أدوية السرطان والبينيسيللين طويل المفعول وحقن فيتامين د وغيرها الكثير من الأدوية ….كذلك سيقضي القرار علي سماسرة بيع الملفات المسجلة لعدم الجدية في التصنيع.
علي الوجه الآخر هناك تخوفات مشروعة من ألا تتحمل ميزانيات الصيدليات خاصة الصغيرة لتوفير الكم الكبير المتوقع من مثائل الأدوية وللرد علي هذه التخوفات تأكيد المسئولين عن الإدارة المركزية عن الزيادة المتوقعة في عدد الأصناف الجديدة لن يزيد عن 500 صنف .
ولكن من الملاحظات الهامة على هذا القرار والتي نطالب بضرورة تعديليها والتي تتمثل في.
- بند السماح بإستيراد 5 مثائل لكل صنف دواء أصلي، والذي من شأنه زيادة عدد الأدوية المستوردة بشكل كبير جدا مما سيؤثر بالطبع علي الصناعة الوطنية ..والأفضل قصر الإستيراد علي مثيلين فقط بخلاف الصنف الأصلي (Brand)
- تعديل النص الذي يسمح بتسعير الدواء المثيل بمالايقل عن 65 % من قيمة المستحضر الأصلي، والأوجب أن لا يزيد المثيل عن 65% من ثمن الأصلي وكان الأولي إعطاء قرار آخر تفصيلي للتسعيرة لعلاج التشوهات السعرية الخطيرة الموجودة حاليا بين المثائل بعضها ببعض وكذلك أسعار المستحضرات الأصلية والتي إنخفضت أسعار المادة الخام للكثير منها في السوق العالمي.
وكلنا يعلم كيف إنخفض سعر المثيل المصري للسوفالدي من أكثر من 9600 جنيه للعلبة الواحدة(65 % من سعر المستورد الأصلي)عدة مرات إلي أقل من 600 جنيه فقط للعلبة الواحدة حاليا(وفي مناقصة وزارة الصحة لأقل من 250 جنيه للعلبة)هذا مثال فقط علي تشوه سعري صارخ يبين التجاوز السعري المحدد سابقا.
لذا يحتاج هذا الموضوع للتدخل الحاسم ولصالح المريض المصري وبحساب الكلفة الفعلية للإنتاج وتكلفة التشغيل والطاقة مع إعطاء هامش ربح معقول أو أن تشمل الدول المرجعية أثناء وضع التسعيرة دولا مثل الهند التي تتوفر بها مواصفات التصنيع الجيد (GMP)وعدالة سعر الدواء بها لصالح المريض
- ضرورة وضع قرارات ملزمة للإنتهاء عاجلا من مشكلة الأدوية المنتهية الصلاحية والمتضرر منها كافة الصيدليات مع وضع عقوبات رادعة للمخالفين.
- ضرورة وضع ميثاق شرف بين الأطباء وكذلك بين الصيادلة للموافقة علي مثائل أخري بدلا من المكتوبة بالوصفة الطبية حين عدم توفرها أو الإتفاق علي إستخدام الإسم العلمي للمستحضر أثناء التسجيل والتداول منعا لشبهة التواطىء التي أستبعدها تماما عن زملائي الأطباء والصيادلة
- كلنا أمل في الإنتهاء من إقرار قانون الهيئة العليا للدواء في دورة الإنعقاد الحلية لمجلس النواب لإصلاح ملف الدواء تصنيعا وإستيرادا وتجارة وتوزيعا وإصلاح الخلل الكبير الموجود حاليا ولصالح المريض المصري والتصنيع الوطني والصيدليات ولإعادة الروح لهذا القطاع الأهم للأمن القومي المصري.
والله من وراء القصد.
الدكتور محمد علي عز العرب
أستاذ الكبد ومؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد
المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء
أمين صندوق جمعية سرطان الكبد المصرية