د. علي عمر يكتب.. العقاقير الحديثة وسبل توفيرها بصورة أسرع ولعدد أكبر من المرضى المستحقين
تكمن مشكلة توفير العقاقير الحديثة للمرضى في إيجاد مصادر تمويل مستدامة كي تصل تلك العقاقير للمرضي المستحقين، هذا بالإضافة إلي حقيقة أنه لا يوجد نظام صحي في أي دولة يستطيع توفير مصادر تمويل إضافية جديدة ومستمرة تستوعب جميع الأمراض التي تحتاج إلي تلك العقاقير الحديثة. خاصة في ظل زيادة أعداد مرضي الأمراض المزمنة وفي ظل ظهور أمراض فيروسية جديدة.
ولهذا يجب أن تتوفر حلول غير تقليدية لتوفير تلك العقاقير الحديثة بطريقة أسرع ولعدد أكبر من المرضى المستحقين، وتعتمد تلك الحلول علي بناء شراكات بين شركات الدواء المنتجة وبين الجهات والمنظمات الصحية المختلفة حين يتعاون الطرفان من أجل الوصل لحلول لمشكلة التمويل المستدام ومشكلة أسعار تلك العقاقير الحديثة المرتفعة، وهناك بعض الحلول التي يمكن من خلالها المساهمة في حل جزئي تلك المشكلات ومنها علي سبيل المثال وليس الحصر.
١- ترشيد وتقنين استخدام بعض العقاقير مثل المضادات الحيوية والمسكنات والتي تستنفذ حجم كبير من مصادر الانفاق علي الدواء بالإضافة إلي الأضرار الناجمة عن الإسراف في استخدام المضادات الحيوية والمسكنات، وإعادة توجيه ما يتم توفيره من موارد لتمويل العقاقير الحديثة.
٢- استخدام المثائل والبدائل الدوائية المتاحة والفعالة والأقل تكلفة في علاج بعض الأمراض المزمنة مثل ارتفاع الضغط والسكري وتوجيه الموارد لعلاج أمراض تحتاج إلي العقاقير الحديثة.
٣- تطبق برامج التعاون ما بين الشركات المنتجة وبين الهيئات والجهات الصحية المختلفة لتوفير العقاقير الحديثة من خلال استيعاب مشترك للتكلفة بالإضافة إلي تقييم فاعلية تلك الأدوية وأثرها القصير والطويل الأمد علي الصحة العامة، ولقد تحركت كثير من الدول خاصة الأوربية في إنشاء هذه الشراكات والاتفاقيات ووضعت لها بنود تضمن الاستهلاك والتقييم الأمثل لتلك العقاقير الحديثة
٤- انشاء قاعدة بيانات للمرضي وخريطة صحية في مصر تشمل حصر اعداد المرضى وتضمن وصول الأدوية بالجرعات الصحيحة للمرضى المستحقين وفي الوقت الأمثل.
٥- نقل تكنولوجيا تصنيع تلك العقاقير الحديثة إلي مصر مع البدء في التصنيع والإنتاج المحلي حيث سيتمكن القطاع الصحي بهذه الخطوة من الوصول الي عدد أكبر من المرضى المستحقين مع ضمان وجود احتياط استراتيجي لتلك العقاقير وزيادة فرصة تصديرها إلي الأسواق المجاورة.
٦- البدء في حملة قومية موحدة تتبناها جميع مؤسسات القطاع العام والخاص للتوعية المبكرة من الإصابة بالأمراض النادرة وخاصة الوراثية منها وحث المواطنين علي الكشف الدوري و اتباع أنظمة غذائية وصحية ونفسية مناسبة للتقليل فرص الإصابة بتلك الأمراض.
سيظل سوق الدواء المصري سوق خصب يمتلئ بالكثير من الفرص، تلك الفرص تكمن في زيادة الوعي الصحي لدى المواطنين وزيادة حملات التشخيص المبكر لكثير من الأمراض المزمنة في مصر، وزيادة متوسط عمر الفرد، هذا بالإضافة إلي الاتجاه الحكومي نحو توطين صناعة الدواء وزيادة حجم صادرات سوق الدواء و فرص إنشاء مراكز إقليمية للسياحة العلاجية في مصر.
غير أن عوامل نجاح تلك الفرص تكمن في توافق الأولويات ما بين القطاع العام والخاص والاتفاق علي آليات تنفيذية وخارطة طريق واضحة مع وجود قاعدة بيانات موحدة للمرضي ودراسات توقعية مستقبلية للصحة وللاستثمار في مصر.
كتب: د. علي عمر.. خبير اقتصاديات الدواء