ملف قطاع الأعمال من الملفات الشائكة خاصة فيما يتعلق بقطاع الدواء والمشكلات التي يواجهها؛ فقد عهدنا أن أدوية شركات قطاع الأعمال تمثل رمانة الميزان في سوق الدواء؛ حيث إن أسعار المستحضرات الدوائية الخاصة بها في متناول الجميع وخاصةً محدودي الدخل.
كانت شركات الأدوية بقطاع الأعمال في أوج ازدهارها في السبعينات والثمانينات وبرز دورها في الحروب والأزمات التي مرت على البلاد؛ حيث تصدرت وقتها سوق الدواء ووصل حجم تجارتها إلى 80% من سوق الدواء، إلى أن واجهت العديد من المشاكل مما أدى إلى تراجعها وانخفاض حجم تجارتها إلى 5% حاليًا؛ فبالرغم من أن هذه الشركات عددها 11 شركة وتنتج حوالي 1500 صنف دوائي إلا أنها تحقق خسائر كبيرة وباتت في حاجة ملحة إلى إعادة إنعاشها من جديد.
ومن أهم المشكلات التي يواجهها هذا القطاع هي انخفاض أسعار مستحضراتها مقارنةً بمثيلاتها من الشركات الخاصة والأجنبية بفارق كبير؛ فمن الممكن أن نجد مستحضر تنتجه شركة خاصة يصل إلى 6 أضعاف ثمنه في شركات قطاع الأعمال؛
حيث إن تكلفة المواد الخام ومراحل التصنيع التي يمر بها الدواء وتحاليل ما قبل وبعد عملية التصنيع وغيرها من المتطلبات التي تحتاجها صناعة الدواء تقترب من سعر الدواء في الأسواق، الأمر الذي يؤدي إلى خسارة هذه الشركات.
ولهذا نطالب بإعادة النظر في تحريك أسعار الدواء الخاص بشركات قطاع الأعمال عن طريق قيام وزارة الصحة بالتسعير العادل الذي يناسب أسعار السوق الآن، كما أننا نطالب وزارة الصحة بتسهيل تسجيل المستحضرات والتي تستغرق وقتًا مبالغًا فيه نظرًا لوجود عراقيل كثيرة تتعلق بإجراءات التسجيل.
ويواجه قطاع الدواء أيضًا مشكلة عدم استغلال أصول شركاته في زيادة استثماراتها ويرجع ذلك إلى سوء التخطيط، ويكمن الحل في وضع آلية للاستغلال الأمثل لهذه الأصول من خلال عمل لجان مختصة بالتنسيق مع كلا من الشركة القابضة للأدوية ووزارة قطاع الأعمال.
وأكثر هذه المشكلات خطورة هو التناقص الشديد والمستمر في عدد صيادلة قطاع الأعمال؛ فوجد أن عدد العاملين بقطاع الدواء يتعدى 20 ألف موظف من إداريين وعمال وفنيين وصيادلة وكيميائيين، ولكن ما يثير الدهشة أن عدد الصيادلة المسئولين عن العملية الإنتاجية بصورة مباشرة لا يتعدى 5%.
ويرجع السبب في ذلك إلى “هروب” الكثير من الصيادلة من شركات هذا القطاع سواء بتقديم الاستقالة أو بتسوية المعاش المبكر ومن جانب آخر هناك تحفظ شديد في قبول أية تعيينات جديدة، مما أدى إلى وجود إدارات قائمة على فرد واحد فقط، الأمر الذي يؤثر بدوره على سير العمل.
والسر وراء ” هروب ” الصيادلة هو ضعف المرتبات بما لا يتناسب مع الظروف المعيشية الصعبة، بالإضافة إلى ضغط العمل الشديد، نظرًا لقلة عددههم، والذي يتطلب منهم العمل لساعات سهر إضافية بمقابل مادي زهيد، إلى جانب تعنت بعض المسئولين بهذه الشركات ورفضهم احتساب الأجازات الاعتيادية للصيادلة والتي تعد حقًا قانونيًا لهم.
ويواجه الصيادلة أيضًا مشكلة عدم تغيير المسمى الوظيفي لهم من أخصائيين إلى صيادلة، فضلا عن شعور صيادلة قطاع الأعمال بالظلم الشديد لعدم تطبيق الكادر ومساواتهم بصيادلة وزارة الصحة والتأمين الصحي والمستشفيات الجامعية، وعدم احتساب البند الخاص ببدل المخاطر بالرغم من حدوث إصابات فعلية لبعض الصيادلة جراء تعرضهم للكيماويات والمواد العضوية المسرطنة.
ولهذا نناشد وزير قطاع الأعمال بإعادة النظر في ملف شركات قطاع الدواء لإيجاد حلول سريعة وناجزة خاصة وأنها شركات وطنية إذا تمت إعادة إحياءها من جديد ستسهم بلا شك في ازدهار صناعة الدواء وبالتالي في دعم الاقتصاد المصري.