التحالف المصري لمصنعي اللقاحات يعقد أولى جلسات «حوار الخبراء» حول برنامج «المشاركة الاقتصادية» لتعزيز توطين اللقاحات
في إطار الجهود المبذولة لدعم قطاع الصناعات الطبية في مصر، عقد التحالف المصري لمصنعي اللقاحات «EVMA», أول جلسة حوارية رفيعة المستوى بغرفة التجارة الأمريكية، جمعت نخبة من ممثلي القطاعين الحكومي والخاص، بمشاركة هيئة الشراء الموحد، وهيئة الدواء المصرية، ورؤساء شركات صناعة اللقاحات المصرية والعالمية، وخبراء بارزين من مؤسسة التمويل الدولية والبنك الإفريقى للتصدير والاستيراد «Afreximbank».
هدفت الجلسة إلى مناقشة مقترح برنامج «المشاركة الاقتصادية» المزمع إطلاقه قريبا، والذي يركز على تعزيز توطين الصناعات الطبية، لا سيما صناعة اللقاحات، في خطوة استراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتعزيز الأمن الصحي الوطني، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية من خلال الاستثمار في القطاعات الحيوية.
أكد الدكتور هشام بدر – نائب رئيس هيئة الشراء الموحد خلال الحوار التزام الهيئة بتوفير البيئة التنظيمية المناسبة لدعم البرنامج المقترح، مشيرا إلى أن برنامج “المشاركة الاقتصادية” المقترح يهدف إلى تحقيق مصلحة جميع الأطراف وتعزيز الشفافية والفعالية. وأشار إلى أن البرنامج بمثابة تحول في منظومة الإمداد والتوريد التقليدية بما يناسب رؤية الجمهورية الجديدة.
كما أشار إلى اهتمام الدولة المصرية بهذا الملف، متمثلا في متابعة الدكتور خالد عبد الغفار – نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، لملف الاستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة اللقاحات والتي تم إطلاقها نوفمبر الماضي، وذراعها التنفيذي «التحالف المصري لمصنعي اللقاحات EVMA» وذراعها التشريعي «برنامج المشاركة الاقتصادية» المقترح، وتوجيه سيادته بالمتابعة الدورية لما يتم من خطوات حقيقية على الأرض تضع الاستراتيجية موضع التنفيذ.
ومن جانبه، أكد الدكتور أيمن الخطيب – نائب رئيس هيئة الدواء المصرية على أهمية توحيد الجهود لضمان الالتزام بالمعايير الدولية في إنتاج اللقاحات، مشيرا إلى أن دعم الصناعة المحلية هو جزء أساسي من استراتيجية الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وكذلك فتح الأسواق الاقليمية أمام المنتج المصري.
وأكد ممثلو شركات صناعة اللقاحات من أعضاء الـ «EVMA» على ضرورة وجود رؤية واضحة ومستدامة للبرنامج، مع ضمان استقرار السياسات الاستثمارية. كما طالبوا بتوفير دعم حكومي قوي في مراحل الإنتاج الأولية، خاصة فيما يتعلق بسلاسل الإمداد والتوريد ومنظومة التمويل المطلوبة لتطبيق نموذج العمل المقترح وكذلك توفير المواد الخام والتكنولوجيا اللازمة.
وأشاد خبراء مؤسسة التمويل الدولية (IFC) بالرؤية المبتكرة والدور المحوري للبرنامج في خلق بيئة استثمارية واعدة، وأكدوا استعدادهم لتقديم الدعم الفني والمالي لتطوير البنية التحتية للصناعات الطبية في مصر. كما أشار خبراء «Afreximbank» إلى أن البرنامج يمثل فرصة استراتيجية لتوسيع نطاق التعاون الإقليمي في مجال الصناعات الطبية، وتعزيز التصدير للأسواق الإفريقية.
أهداف البرنامج وخلفيته
برنامج «المشاركة الاقتصادية» هو مبادرة استراتيجية مقدمة من التحالف المصري لمصنعي اللقاحات EVMA، تسعى إلى توسيع نطاق التعاون بين القطاعين العام والخاص، من خلال وضع آليات جديدة لتنفيذ المشروعات التي تعزز الإنتاج المحلي للمنتجات الطبية الأساسية، مع تعزيز مشاركة القطاع الخاص في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاستراتيجية للدولة.
يهدف البرنامج إلى خلق بيئة استثمارية جاذبة ومتكاملة، قادرة على توفير الحوافز اللازمة لتوطين التكنولوجيا، وتعزيز الكفاءة الإنتاجية، وتقليل الاعتماد على الواردات، مع ضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة للدولة.
تأتي صناعة اللقاحات في مقدمة الصناعات المستهدفة ضمن هذا البرنامج، نظرا لدورها المحوري في تحقيق الأمن الصحي، خاصة بعد التحديات التي واجهها العالم خلال جائحة كورونا.
وأكد أعضاء التحالف خلال الجلسة التي أدارها السيد الدكتور يسري نوار – عضو اللجنة العليا لتوطين الصناعات الطبية ونائب رئيس غرفة التجارة الأمريكية، على أهمية بناء منظومة إنتاج متكاملة للقاحات في مصر، تتيح تلبية الاحتياجات المحلية، مع فتح آفاق للتصدير للأسواق الإقليمية والإفريقية.
مشاركة واسعة من الخبراء المحليين والدوليين
شارك في الجلسة أعضاء التحالف المصري لمصنعي اللقاحات EVMA من الشركات المصرية والدولية الرائدة في صناعة اللقاحات من شركات فاكسيرا – بيوجينيرك – مدينة اللقاحات – جينيس – جيبتوفارم – ايفا، بالإضافة إلى خبراء الشركات العالمية سانوفي – فايزر – جينيرال الكتريك، والذين قدموا رؤى عملية حول التحديات والفرص المرتبطة بتوطين هذه الصناعة في مصر. كما قدم خبراء مؤسسة التمويل الدولية (IFC) والبنك الإفريقى للتصدير والاستيراد (Afreximbank) مداخلات قيمة حول أطر التمويل والحلول الاستثمارية التي يمكن أن تسهم في إنجاح البرنامج.
النقاشات الرئيسية
تضمنت الجلسة عرض تقديمي من جانب السيد الدكتور هشام بدر – نائب رئيس هيئة الشراء الموحد، والسيد الخبير القانوني محمد عبد الجواد، عن مقترح «برنامج المشاركة الاقتصادية». وأعقب العرض مناقشات مستفيضة حول:
- الآليات التنظيمية للبرنامج: تم استعراض الإطار التشريعي والتنظيمي اللازم لتفعيل عقود المشاركة الاقتصادية، بما يضمن وضوح العقود وشفافيتها.
- دور القطاع الخاص: أكد المشاركون على أهمية مشاركة القطاع الخاص كشريك رئيسي في تنفيذ البرنامج، مع تقديم حوافز استثمارية تسهم في جذب رؤوس الأموال والتكنولوجيا المتقدمة.
- التمويل ودور المؤسسات الدولية: أشار خبراء «IFC» و«Afreximbank» إلى ضرورة توفير حلول تمويل مرنة ومبتكرة لدعم الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات الإقليمية لتوسيع السوق المستهدف، وكذلك الالتفات للتجارب الدولية الرائدة مثل تجربة البرازيل في نفس السياق.
- التحديات والفرص: ناقش المشاركون أبرز التحديات التي تواجه توطين الصناعات الطبية، مثل نقص التكنولوجيا المتقدمة، والحاجة إلى بناء كوادر بشرية مؤهلة، وكيف يمكن التغلب على هذه التحديات من خلال التعاون الدولي والإقليمي.
واختتمت الجلسة بعدد من التوصيات العملية التي تسهم في تحقيق أهداف البرنامج، أبرزها:
- وضع إطار عمل واضح: يتضمن تحديد الأدوار والمسؤوليات بين الجهات الحكومية والخاصة، مع ضمان شفافية العقود ومتابعة تنفيذها.
- تعزيز الحوافز الاستثمارية: من خلال تقديم تسهيلات ضريبية وجمركية، ودعم الشركات في الحصول على التكنولوجيا المتقدمة.
- بناء القدرات البشرية: عبر إطلاق برامج تدريب متخصصة لتأهيل الكوادر الوطنية للعمل في قطاع الصناعات الطبية.
- تعزيز الشراكات الدولية: من خلال التعاون مع المؤسسات الدولية والإقليمية لدعم التمويل ونقل التكنولوجيا.
- التواصل المستمر: بين جميع الأطراف المعنية لضمان تحقيق التوافق حول أهداف البرنامج وآلياته.
وأكد الحاضرون في ختام الجلسة أن برنامج «المشاركة الاقتصادية» المقترح يمثل خطوة محورية نحو تعزيز مكانة مصر كقاعدة إقليمية للصناعات الطبية، خاصة في ظل الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها الدولة، سواء من حيث الموقع الجغرافي المتميز أو الموارد البشرية المؤهلة.
كما أكد المشاركون على أهمية استمرار الحوار بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات الدولية ذات الخبرة لضمان نجاح البرنامج، مع التأكيد على الالتزام بتحقيق التنمية المستدامة التي تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني والمجتمع ككل.