استضافت المملكة العربية السعودية، ممثلةً في وزارة الصحة , في جدة, المؤتمر الوزاري العالمي الرابع رفيع المستوى حول مقاومة مضادات الميكروبات، الذي يجمع نخبة من قادة وخبراء الصحة من مختلف أنحاء العالم لمكافحة هذه “الجائحة الصامتة” ، في تجمع رئيسي يُبرز الحاجة الملحة للتصدي لهذا التحدي الصحي العالمي.
وتسعى المملكة من خلال هذا الحوار الدولي إلى تعزيز التعاون وتوحيد الجهود العالمية لمواجهة مقاومة مضادات الميكروبات، التي تودي بحياة 1.3 مليون شخص سنويًا، مع توقعات بأن يصل عدد الوفيات إلى 39 مليون شخص بحلول عام 2050 إذا لم تُتخذ التدابير اللازمة للسيطرة عليها.
وبهذه المناسبة، قال معالي وزير الصحة الأستاذ فهد بن عبدالرحمن الجلاجل: “إن استضافة المملكة لهذا المؤتمر هو إعلان واضح عن التزامنا تجاه مجتمعنا وتجاه العالم في مواجهة هذا التحدي العالمي، الذي يؤثر بشكل مباشر ومتفاقم على صحة الإنسان وعلى الثروات الحيوانية والنباتية، مما يُبطئ عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي”، بحسب وكالة الأنباء السعودية “واس”.
وأضاف الجلاجل: “ويسعدني أن هذا المؤتمر يستضيف أكبر عدد من الدول المشاركة في تاريخ المؤتمرات الوزارية السابقة، مما يشكل فرصةً عظيمة لتعزيز استجابتنا العالمية -والانتقال من البيان إلى التطبيق-، كما هو شعار هذا المؤتمر”.
وتابع: “إذا لم نتخذ تدابيرنا بشكل سريع؛ فنحن نواجه عالمًا لن نتمكّن فيه من علاج الكثير من الأمراض, ولن تكون المضادات الحيوية التي أنقذت -بفضل الله- ملايين الأرواح، متاحة عندما نحتاج إليها, وبدون المضادات الحيوية الفعّالة، فإننا نخاطر بفقدان مكتسبات الطب الحديث, ونحن مدينون للأجيال القادمة بالحفاظ على هذه الهبة الثمينة”.
وخلال مشاركته في المؤتمر الوزاري في جدة، أشاد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غبريسوس، بالدور الريادي للمملكة في مجال مكافحة مضادات الميكروبات واستضافتها لهذا المؤتمر الوزاري الذي يستند إلى نتائج الاجتماعات رفيعة المستوى في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام، مشيرًا إلى الدور الأساسي الذي تقوم به المملكة في التصدي لهذا التحدي العالمي.
وأفاد أن مقاومة مضادات الميكروبات ليست تهديدًا مستقبليًا، بل هي خطر قائم يؤثّر على حياتنا اليوم, وهذا التحدي يجعل العديد من المضادات الحيوية والأدوية التي نعتمد عليها أقل فعالية، ويعقّد علاج العديد من العدوى الروتينية، مما يجعلها أكثر صعوبة للعلاج أو قد تكون مضعِفة أو مميتة.
ويمثّل الاجتماع الوزاري رفيع المستوى علامة فارقة في جهود مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات على مستوى العالم، حيث تستعد المملكة لإطلاق ثلاث مبادرات مبتكرة في هذا المجال.
بدوره بين الوكيل المساعد للصحة الوقائية في وزارة الصحة الدكتور عبدالله عسيري، أن هذه المبادرات تهدف إلى معالجة القضايا الحرجة المرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات عبر عمليات رصد وتقييم دقيقة.
وأوضح مساعد وزير الصحة الدكتور محمد بن خالد العبدالعالي، أن الاجتماع سيتبنى نهج “الصحة الواحدة” الشامل لمعالجة هذه القضية عبر عدة قطاعات, مضيفًا أن نهج الصحة الواحدة يجمع بين صحة الإنسان والزراعة وصحة الحيوان والبيئة، حيث يمثل قادة الدول الأعضاء جميع هذه المجالات، ويتبادلون الأفكار لمعالجة هذه المشكلة المعقدة.
وفي تأكيد على أهمية نهج الصحة الواحدة ودور العوامل البيئية في انتشار مقاومة مضادات الميكروبات، قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن: “يدعو إعلان جدة إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية البيئة كجزء من استجابتنا لمقاومة مضادات الميكروبات”.
ويعمل قادة العالم خلال الاجتماع الوزاري على تعزيز خارطة طريق مشتركة لمواجهة الارتفاع العالمي في مقاومة المضادات الحيوية، حيث ستشكل نتائج هذا الاجتماع استجابة دولية منسقة لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات.