مع بداية هذا العام، كان روّاد الأعمال في مجال “التقنية الحيوية” يأملون في انتعاش الاستثمارات الجريئة في هذا القطاع الواعد. ومع ذلك، لا يزالون في انتظار العودة القوية. لا يزال تمويل رأس المال الجريء في قطاع التقنية الحيوية أضعف مما كان عليه خلال جائحة كوفيد-19 «COVID-19».
عزيزي القارئ، ارتفعت الاستثمارات العالمية في رأس المال الجريء في قطاع التقنية الحيوية من 6.3 مليار دولار في الربع الرابع من عام 2023 إلى 7.4 مليار دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام 2024. ومع ذلك، فإن عدد صفقات تمويل رأس المال الجريء المكتملة في قطاع التقنية الحيوية في انخفاض.
أغلقت شركات التقنية الحيوية 188 جولة تمويل رأس مال جريء في الربع الأول، مما وضع عام 2024 على وتيرة للانخفاض مقارنةً بإجمالي 967 جولة في كامل العام الماضي. خلال طفرة التقنية الحيوية في عام 2021، المدفوعة جزئياً بجائحة كوفيد-19، أغلقت الشركات الناشئة 1,631 صفقة تمويل، وفقاً لبيانات «PitchBook».
شهد قطاع “التقنية الحيوية” مؤخراً سلسلةً من عمليات الدمج والاستحواذ والاكتتابات العامة، مما أثار تفاؤلاً بأن الاستثمارات الجريئة ستتعافى هذا العام بعد انخفاضها في العامين الماضيين. حيث تستثمر شركات رأس المال الجريء بشكل كبير في الشركات الناشئة الواعدة والتي تستهدف أسواقًا كبيرة مثل أمراض السمنة والسرطان.
عزيزي القارئ، يبحث الكثير من المستثمرين عن الفرص التي تتمتع بمخاطر منخفضة. هناك فجوات بين تقييمات روّاد الأعمال والأسعار التي يرغب المستثمرون في دفعها.
تقوم المملكة العربية السعودية بدورٍ متزايد الأهمية في قطاع التقنية الحيوية من خلال دعم الابتكار والاستثمار في البحث والتطوير. تركز السعودية على تعزيز قطاع الرعاية الصحية وتطوير الصناعات الدوائية والتقنية الحيوية كجزء من رؤية 2030.
وتوفر قيادة السعودية دعماً كبيراً لقطاع التقنية الحيوية من خلال مبادرات مختلفة، بما في ذلك صندوق الاستثمارات العامة وبرامج الدعم المالي للمشاريع الناشئة. تسعى الحكومة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الابتكار المحلي من خلال توفير بيئة تشريعية وتنظيمية داعمة.
و تقوم المملكة على تطوير بنية تحتية متقدمة لدعم البحث والتطوير في مجال التقنية الحيوية. يشمل ذلك إنشاء مراكز بحثية متخصصة ومستشفيات متطورة تسهم في تقديم الرعاية الصحية بأعلى المعايير العالمية.
أيضاً، تسعى المملكة إلى إقامة شراكات مع الشركات العالمية والمؤسسات البحثية لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات في مجال التقنية الحيوية. تم توقيع العديد من الاتفاقيات مع شركات دولية رائدة في هذا المجال لتطوير مشاريع مشتركة وتحقيق تقدم في البحث العلمي.
تعمل المملكة على توفير تمويل مناسب للشركات الناشئة في مجال التقنية الحيوية من خلال برامج دعم رأس المال الجريء. تهدف هذه البرامج إلى مساعدة الشركات الناشئة على النمو وتحقيق الابتكار، وتوفير الموارد المالية والتوجيه اللازمين لتحقيق النجاح.
كما تقوم المملكة بتعزيز برامج التعليم والتدريب لتطوير الكفاءات البشرية المتخصصة في مجال التقنية الحيوية. يمكن لهذه البرامج أن تسهم في تزويد السوق بالمهارات والخبرات اللازمة لتحقيق النجاح.
وتقوم المملكة بالعمل أيضاً على تحسين الإطار التشريعي والتنظيمي لتسهيل عملية الابتكار وتبني التقنيات الجديدة، حيث تسهم هذه الإجراءات في جذب الاستثمارات وتعزيز النمو في القطاع.
وفي الختام، يواجه قطاع التقنية الحيوية تحديات كبيرة على مستوى العالم وفي المملكة العربية السعودية على حدٍّ سواء. ومع ذلك، هناك فرص كبيرة يمكن استغلالها لتحقيق تقدم ملحوظ في هذا المجال. تلعب الحكومة السعودية دوراً كبيراً في دعم هذا القطاع من خلال مبادرات متنوعة، وتطوير البنية التحتية، وإقامة شراكات دولية.
وعلى الرغم من التحديات، فإن التركيز على البحث والتطوير والتعليم والشراكات يمكن أن يسهم في تعزيز قطاع التقنية الحيوية وتحقيق رؤية 2030.
د. نبيل عبدالحفيظ الحكمي
ريادة الأعمال والاستثمار في مجال التقنية الحيوية والصناعات الدوائية المبتكرة