يقود المهندس ثامر المهيد، الرئيس التنفيذي للمجموعة، والعضو المنتدب في الشركة الكيميائية السعودية القابضة، عملية إعادة هيكلة كبرى للشركة حاليًا، بإنشاء شركتين قابضتين لإدارة أعمال المتفجرات والرعاية الصحية. وبالنسبة لأي شركة أخرى، فإن إحداث تغيير بهذا الحجم يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات تشغيلية، ونقص في التمويل، فضلًا عن تكاليف مالية كبيرة.
مع ذلك، أثبتت الشركة تميزها. سجلت الشركة المساهمة، ذات الاستثمارات المتنوعة، صافي أرباح بلغ 24.4 مليون دولار في الربع الأول من عام 2024، بزيادة تفوق الضعف مقارنة بـ8.6 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وفي عام 2023، بلغت أرباح الشركة 48.7 مليون دولار، بزيادة قدرها %128، مقارنة بـ21.3 مليون دولار في عام 2022 وفقا لفوربس.
يقول المهيد: «نحن حاليًا في المرحلة الثانية من برنامج التحول الخاص بالشركة الكيميائية السعودية القابضة، والذي يتضمن نهجًا تنمويًا يركز على إعادة هيكلة الشركات التابعة، لتعزيز القيمة وتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
ومن خلال إنشاء شركتين قابضتين منفصلتين: واحدة مخصصة للمتفجرات وأخرى للرعاية الصحية، سنعزز الإنتاج والتوطين على المستويات جميعها، كما نعمل على تطوير القطاعات الرئيسية لبناء اقتصاد مستدام، ودعم القطاع غير النفطي في المملكة بما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030».
وقد أطلقت الشركة المرحلة الأولى من برنامج التحول الاستراتيجي في عام 2020، إيذانًا بانتقالها إلى شركة قابضة.
يؤكد المهيد على أن استراتيجية التحول كانت فعالة للغاية حتى الآن، مما أدى إلى زيادة الأرباح بأكثر من 5 أضعاف بين عامي 2019 و2023. وعلى وجه التحديد، بلغ إجمالي مبيعات المتفجرات للاستخدام المدني 134.9 مليون دولار في عام 2023، بزيادة %55.8 من 86.4 مليون دولار في عام 2022.
في حين وصلت مبيعات سيتكو فارما السنوية إلى 1.12 مليار دولار في عام 2023، بزيادة %28.4 من 880 مليون دولار في عام 2022، بينما ارتفعت إيرادات أجا فارما بنسبة %32.6 إلى 41.2 مليون دولار، من 31.1 مليون دولار في عام 2022.
ويعزو الرئيس التنفيذي للمجموعة النجاح المحقق، إلى تعزيز الابتكار والكفاءة التشغيلية، وتطوير استراتيجيات ومنتجات وخدمات جديدة. يوضح بقوله: “حققت الشركة التميز التشغيلي من خلال التطورات الاستراتيجية، وإنشاء فرق عمل ذات خبرة، وتنفيذ حلول رقمية جديدة، واستخدام نظام) ERP) لإدارة الموارد والعمليات التجارية”.
كما يسهم الفصل بين الشركتين القابضتين، في تحسين القدرة التنافسية، وتعزيز جاذبية الأسواق السعودية لاستثمارات القطاعين العام والخاص. في عام 2022، قُدرت قيمة سوق متفجرات التعدين العالمية بأكثر من 307 ملايين دولار، ومن المتوقع أن تصل لأكثر من 402 مليون دولار في عام 2030، وفقًا لبيانات شركة (Infinium Global Research). ومن المتوقع أن تشهد السعودية أكبر طلب على المتفجرات التعدينية في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العقد الحالي.
سوق المتفجرات المدنية
يقول المهيد إن الشركة الكيميائية السعودية المحدودة استحوذت بالفعل على %75 من سوق المتفجرات المدنية في المملكة، وأدت دورًا حاسمًا في توطين الصناعات العسكرية ضمن إطار رؤية السعودية 2030.
ويعد هذا النهج فعالًا من حيث الوقت والكلفة لمشاريع التعدين، وتطوير البنية التحتية في المدن والمشاريع الاستراتيجية مثل: القدية ونيوم، وتوسعات الحرمين الشريفين. ومن المتوقع أيضًا أن يؤدي نظام تخطيط موارد المؤسسات (ERP) في الشركة، إلى دقة أعلى للبيانات، وأوقات استجابة أسرع لاتخاذ القرارات في قطاعات الأعمال جميعها.
بناء المشاريع وعقد الصفقات
يتمثل جزء كبير من استراتيجية الشركة في بنائها مشروعًا لإنتاج حامض النيتريك ونترات الأمونيوم، من خلال إحدى شركاتها التابعة، الشركة الكيميائية السعودية المحدودة في رأس الخير. ويعد هذا المشروع الأول من نوعه في المنطقة، كما يتوقع الانتهاء منه في عام 2027.
وبكلفة 266.6 مليون دولار، ستكون للمشروع قدرة إنتاجية تبلغ حوالي 440 ألف طن من حمض النيتريك و300 ألف طن من نترات الأمونيوم سنويًا، لتلبية احتياجات السعودية من المواد الكيميائية والمواد الخام. يضيف المهيد: “من اللوائح الصارمة للأمن والسلامة إلى التكاليف المالية المرتفعة، هناك الكثير من حواجز السوق التي تحول دون دخول صناعة المتفجرات. هذه هي ميزتنا التنافسية، وسيساعد هذا المصنع في تعزيز قدرتنا على تلبية الطلب”.
في يناير 2024، أبرمت شركة تصنيع المتفجرات الأسترالية داينو نوبل، مذكرة تفاهم غير ملزمة مع الشركة الكيميائية السعودية المحدودة، للمشاركة في تطوير المشروع
مسيرة الرئيس التنفيذي
في حين يعد الرئيس التنفيذي الخيار الأمثل لقيادة هذا التغيير، نظرًا لمعرفته العميقة بالصناعات الرئيسية في المملكة، ودورها في تعزيز القيمة الاقتصادية. فبعد تخرجه باختصاص الهندسة المدنية في جامعة الملك سعود في المملكة عام 1993، بدأ المهيد حياته المهنية في الهيئة الملكية للجبيل وينبع، حيث عمل لمدة عامين.
ثم انضم إلى الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) في عام 1995، وكرّس عقدين من حياته المهنية للعمل لديها في الجبيل والرياض من عام 1995 إلى عام 2015، كما أدى دورًا حاسمًا في توسع الشركة ومبادراتها الاستراتيجية.
وفي عام 2009، شغل منصب مدير عالمي للتخطيط والمراقبة في شركة جي آي سابك أميركا، التي تعرف باسم SABIC Innovative Plastics. كذلك في عام 2010، شارك في عمليات الدمج بعد استحواذ سابك على شركة (GE Plastics).
في عام 2015، انتقل إلى القطاع العام ليتولى منصب مدير عام السياسات والبحوث والتخطيط في وزارة التجارة والصناعة. ثم في العام التالي، انضم إلى شركة المراعي بوصفه مديرًا عامًا لوحدة الأغذية، حيث عمل حتى عام 2018.
وقادته مسيرته المهنية إلى الشركة الكيميائية السعودية المحدودة، حيث شغل منصب نائب المدير العام، إلى جانب توليه منصب العضو المنتدب لشركة سينكو. وأخيرًا تولى المهيد منصب العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للمجموعة الكيميائية السعودية القابضة في فبراير عام 2020.
مبادرات التوطين
يشكل التوطين عنصرًا أساسيًا في استراتيجية التحول الخاصة بالشركة الكيميائية السعودية القابضة، مع إعطاء الأولوية لتحقيق توازن بين البنية التحتية المحلية في السعودية والصادرات.
وبالإضافة إلى الحفاظ على اتفاقيات استراتيجية طويلة الأمد مع أكثر من 28 شركة متعددة الجنسيات، تركز أقسام الرعاية الصحية في الشركة الكيميائية السعودية القابضة أيضًا، على إنشاء حلول محلية مستدامة. مثًلا، تعد كل من الشركة الكيميائية السعودية المحدودة، وأجا فارما، عضوين نشطين في برنامج “صنع في السعودية” التابع لهيئة تنمية الصادرات السعودية، لدعم استراتيجية التنمية الوطنية، وزيادة الصادرات غير النفطية من المملكة.
ويضيف الرئيس التنفيذي للمجموعة: “تماشيًا مع تطلعاتنا لتجاوز حدود الأعمال المحلية، نحن ملتزمون بتنويع أسواقنا ضمن استراتيجيتنا لتنويع الإيرادات، إذ ندرك أن الاعتماد الحصري على التوسع الطبيعي لن يكون كافيًا لتحقيق أهدافنا المرجوة في النمو”.
وعلى صعيد التصنيع، وقعت شركة أجا فارما اتفاقًا نهائيًا مع شركة بايوفنتشر (Bioventure) لتسويق عقار “روكسوليتينيب”، وهو دواء لعلاج الأورام، في السعودية ودول عربية أخرى. كما حصلت الشركة الكيميائية السعودية القابضة على شهادة عدم انتهاك براءة اختراع لمستحضر “تيكاجريلور”، عبر شركتها التابعة أجا فارما.
بالإضافة إلى ذلك، وقعت أجا فارما اتفاقية تعاون مع شركة (GSK) لتصنيع عقار بانادول، وأكملت عملية الاستحواذ على حقوق دواء “سياليس” من شركة (Eli Lilly) بما يمثل علامة فارقة في نقل وتوطين المنتجات العالمية.
يقول المهيد: “يهدف هذا النهج في التوطين، إلى ضمان استمرار الجهود الرامية إلى الاكتفاء الذاتي في السعودية لعقود، دون المساس بقدراتها التصديرية، بما يخفف من أي مخاطر مرتبطة بنقص الإمدادات والأزمات اللوجستية”.
ويضيف: “تتمثل رؤيتنا في تحقيق توزيع عادل للإيرادات في قطاع الأدوية بين الأسواق المحلية والخارجية، خلال إطار زمني محدد لنحو 5 سنوات”.
تعمل الشركة الكيميائية السعودية القابضة أيضًا بنشاط، على تعزيز قدراتها في البحث والتطوير في مجال المتفجرات العسكرية والحلول ذات الصلة، لترسيخ مكانتها كمركز للتميز في الإنتاج الحربي المحلي. وسيكون مركز البحث والتطوير التابع لها في مجمع مصانع للصناعات العسكرية، ومقره الرياض، أول مركز عسكري لبحوث الطاقة في المنطقة.
قد يبدو هذا التحول سريعًا، لكن التقدم سيظل مستمرًا. يؤكد المهيد: “نسعى لمشاريع أكثر تحديًا وشركاء داعمين في السعودية وخارجها خلال السنوات القادمة. أما هدفي فيتمثل في جعل الشركة الكيميائية السعودية القابضة اسمًا عالميًا”.
نُشرت هذه القصة ضمن عدد فوربس الشرق الأوسط لشهر يونيو الذي يضم قائمة أقوى 100 شركة عامة في الشرق الأوسط لعام 2024.