يشهد قطاع الصناعات الدوائية تطورا مستمرا مع تزايد الطلب على المنتجات الطبية والدوائية والحيوية المبتكرة، ونتيجة لذلك أصبحت شركات الأدوية العالمية أكثر اعتمادا على قطاعات خارجية مختلفة، من شركات ومنظمات لدعم عمليات البحث والتطوير والإنتاج.
هنا، يأتي دور «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية»، أو بما يعرف بـ«CDMOs»، والتي تقدم خدمات تطوير وتصنيع شاملة للمنتجات الدوائية والطبية، مما يجعلها جزءا لا غنى عنه في النظام البيئي (Ecosystem) للصناعات الدوائية والطبية.
عزيزي القارئ: في مقالة اليوم، سنلقي نظرة على ماهية «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية»، وما دور هذه الشركات في الصناعات الدوائية والطبية، والتحديات التي تواجهها، وتأثيرها على ابتكار وتطوير وإنتاج الأدوية.
تقوم «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية» بتقديم خدمات تصنيع وتطوير محددة لصالح شركات الأدوية الكبرى أو الناشئة، من هذه الخدمات:
– تطوير عمليات التصنيع: تحديد طرق التصنيع الفعالة للأدوية، بما يحقق الجودة المطلوبة بأقل تكلفة.
– إنتاج الأدوية: تصنيع الأدوية بمختلف أشكالها الصيدلانية، سواء كانت منتجات حيوية أو كيميائية.
– تحليل واختبار الجودة: التأكد من جودة وسلامة المنتجات الدوائية، بما يتوافق مع المعايير المحلية والدولية.
– خدمات التعبئة والتغليف: توفير حلول التغليف والتعبئة للمنتجات النهائية.
– خدمات التجارب السريرية: إنتاج الدفعات التجريبية من الأدوية المستخدمة في التجارب السريرية، والإسهام في إدارة التجارب السريرية.
– خدمات تطوير الصياغات الدوائية: تحسين الصياغات لضمان فعالية واستقرار الدواء.
تحتل «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية» مكانة في غاية الأهمية في قطاع الصناعات الدوائية، لأسباب عدة، منها:
– التركيز على الكفاءة: تتيح خدمات «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية» لشركات الأدوية التركيز على أنشطتها الرئيسة، مثل: البحث والتطوير والتسويق، بينما تتولى «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية» العمليات الأخرى، إذ يوفر هذا النهج كفاءة أكبر ويسهم في تسريع عملية تطوير الدواء.
– تقليل التكاليف: يمكن لشركات الأدوية تقليل تكاليف الإنتاج والتصنيع بشكل كبير، إذ يمكن لـ«شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية» الاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير، لتقليل تكلفة الوحدة.
– التوسع في المنتجات: يمكن لشركات الأدوية الاستفادة من خبرة «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية»، في تصنيع مجموعة متنوعة من الأدوية، مما يتيح لهم توسيع خطوط إنتاجهم، دون الحاجة إلى استثمار كبير في البنية التحتية.
– تحسين المرونة: توفر «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية» المرونة لشركات الأدوية، فيما يتعلق بالتعامل مع التغيرات في الطلب على المنتجات، حيث يمكنهم تعديل حجم الإنتاج بسرعة وفقا لاحتياجات السوق.
رغم الفوائد المتعددة التي تقدمها «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية»، إلا أنها تواجه كثيرا من التحديات، منها:
– المنافسة الشديدة: يشهد قطاع «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية» منافسة شديدة بين الشركات المشابهة، مما يضغط على الأسعار ويقلل من هوامش الربح. تحتاج هذه الشركات إلى الابتكار وتقديم خدمات مميزة للحفاظ على حصتها في السوق.
– المتطلبات التنظيمية: تختلف المتطلبات التنظيمية من سوق إلى آخر، ويجب على «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية» الامتثال للمعايير الصارمة الخاصة بإنتاج وتوزيع الأدوية. يعد الامتثال لتلك اللوائح تحديا مكلفا ومعقدا.
– إدارة سلاسل التوريد: يتطلب تصنيع الأدوية وجود سلاسل توريد قوية، لتوفير المواد الخام والمكونات اللازمة.
يمكن أن تؤثر أي تعطيلات في سلاسل التوريد على عمليات التصنيع بشكل كبير.
– التقنية المتقدمة: مع ظهور تقنيات مثل التصنيع الحيوي، يجب على «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية» الاستثمار في التقنية الحديثة، وتدريب موظفيها لمواكبة التطور السريع.
من المتوقع أن يستمر قطاع «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية» في النمو والتطور خلال السنوات القادمة، بسبب مجموعة من العوامل المؤثرة.
أحد هذه العوامل، هو زيادة الطلب على الأدوية الحيوية، إذ يشهد هذا القطاع نموا كبيرا، ويعتمد كثير من الشركات على «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية»، لتطوير وتصنيع المنتجات الحيوية المعقدة مثل الأجسام المضادة والعلاجات الجينية.
إضافة إلى ذلك، يوجه الاستثمار بشكل متزايد نحو البحث والتطوير، مما يجعل «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية» شريكا استراتيجيا أساسيا لتقديم خدمات التصنيع، مع تحول شركات الأدوية إلى التركيز على هذا المجال.
التوسع الجغرافي يعد عاملا آخر في نمو هذا القطاع، حيث يسعى كثير من «شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية» إلى توسيع عملياتها إلى أسواق جديدة، مثل آسيا وأمريكا اللاتينية، لتلبية الطلب المتزايد على الأدوية.
إن الشراكات الاستراتيجية بين شركات الأدوية و«شركات تصنيع وتطوير الأدوية التعاقدية»، تسهم في إنشاء تعاون طويل الأمد، ما يتيح لكلا الطرفين الاستفادة من نقاط القوة لدى الآخر، وبالتالي تعزيز التقدم في مجال تصنيع الأدوية بشكل فعال.
نقلا عن جريدة مكة السعودية